الجمعة، 18 أبريل 2025

مادّة: الإيمان باليوم الآخر حمد بن عبد المحسن التويجري

 

 

 

 

تفريغ محاضرات برنامج التأصيل العقدي

 

 

 

 

 




 

 

 

مادّة:

الإيمان باليوم الآخر

_الدروس: من6 إلى 10 _

 

حمد بن عبد المحسن التويجري

فضيلة الأستاذ الدكتور:

 

 

 

 

 

 

رجب 1440 للهجرة

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدرس السادس

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا إنك أنت السميع العليم.

أرحب بالإخوة في مطلع المحاضرة السادسة من محاضرات العقيدة والمتعلقة بالإيمان باليوم الآخر.

ولا زال الحديث عن أشراط الساعة الكبرى، أو أمارات الساعة الكبرى أو علامات الساعة الكبرى.

وذكرنا فيما مضى ثلاثًا منها؛ المهدي، والدجال، ونزول عيسى بن مريم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأتم التسليم.

وننتقل إلى العلامة الرابعة وهي:

خروج يأجوج ومأجوج:

وأصل كلمة يأجوج ومأجوج: اختلف في اشتقاقها؛ فقيل: هما اسمان أعجميّان منعا من الصرف للعلمية والعجمة، وعلى هذا فليس لهما اشتقاق لأن الأعجمية لا تُشتَقّ من العربية.

وقيل هما عربيان، ولذا اختلف في اشتقاقهما، فقيل: من أجيج النار وهو التهابها، وقيل: من الأجاج وهو الماء الشديد الملوحة، وقيل: من الأجّ وهو سرعة العدْو، وقيل: من الأجَّة – بالتشديد- وهي الاختلاط والاضطراب، وقيل أن اشتقاقهما من مَاجَ لقوله تعالى: { وَتَرَكْنَا بَعْضَهُمْ يَوْمَئِذٍ يَمُوجُ فِي بَعْضٍ} وهذا حين يخرجون من السدّ على الناس.

وعلى كل حال فكل ما ذكر في اشتقاقهما يتناسب مع حالهما ووصفهما ووضعهما.

 

ما الأدلّة على خروجهم آخر الزمان ؟

دلّ على خروجهم قوله جلّ وعزّ: { حَتَّىٰإِذَابَلَغَبَيْنَالسَّدَّيْنِوَجَدَمِندُونِهِمَاقَوْمًالَّايَكَادُونَيَفْقَهُونَقَوْلًا * قَالُوايَاذَاالْقَرْنَيْنِإِنَّيَأْجُوجَوَمَأْجُوجَمُفْسِدُونَفِيالْأَرْضِفَهَلْنَجْعَلُلَكَخَرْجًاعَلَىٰأَنتَجْعَلَبَيْنَنَاوَبَيْنَهُمْسَدًّا * قَالَمَامَكَّنِّيفِيهِرَبِّيخَيْرٌفَأَعِينُونِيبِقُوَّةٍأَجْعَلْبَيْنَكُمْوَبَيْنَهُمْرَدْمًا * آتُونِيزُبَرَالْحَدِيدِ ۖ حَتَّىٰإِذَاسَاوَىٰبَيْنَالصَّدَفَيْنِقَالَانفُخُوا ۖ حَتَّىٰإِذَاجَعَلَهُنَارًاقَالَآتُونِيأُفْرِغْعَلَيْهِقِطْرًا * فَمَااسْطَاعُواأَنيَظْهَرُوهُوَمَااسْتَطَاعُوالَهُنَقْبًا *قَالَهَٰذَارَحْمَةٌمِّنرَّبِّي ۖ فَإِذَاجَاءَوَعْدُرَبِّيجَعَلَهُدَكَّاءَ ۖ وَكَانَوَعْدُرَبِّيحَقًّا }.

وأيضا يدل على خروجهم قوله سبحانه: {  حَتَّىٰإِذَافُتِحَتْيَأْجُوجُوَمَأْجُوجُوَهُممِّنكُلِّحَدَبٍيَنسِلُونَ * وَاقْتَرَبَالْوَعْدُالْحَقُّفَإِذَاهِيَشَاخِصَةٌأَبْصَارُالَّذِينَكَفَرُوايَاوَيْلَنَاقَدْكُنَّافِيغَفْلَةٍمِّنْهَٰذَابَلْكُنَّاظَالِمِينَ }.

ويدل أيضا على خروجهم حديث أم المؤمنين أم حبيبة بنت أبي سفيان  رضي الله عنها عن زينب بنت جحش رضي الله عنها زوج النبي صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يومًا فزِعًا يقول: " لا إله إلا الله، ويلٌ للعرب من شرٍّ قد اقترب. فتح اليوم من ردم يأجوج ومأجوج مثل هذه " – وحلّق بإصبعيه الإبهام والتي تليها -. قالت زينب بنت جحش: فقلتُ: يا رسول الله، أنهلِكُ وفينا الصالحون ؟. قال: " نعم، إذا كثُر الخَبَثُ ".

وأيضا؛ يدل على خروجهم حديث النّوّاس بن سمعان رضي الله عنه، وفيه: " إذ أوحى الله إلى عيسى أنّي قد أخرجتُ عبادًا لي لا يُدَانُ لأحدٍ بقتالهم ،فحرِّزعباديإلىالطور . ويبعثاللهيأجوجومأجوج،وهممنكلحدبينسلون،فيمرأوائلهمعلىبحيرةطبرية،فيشربونمافيها،ويمرآخرهمفيقولون : لقدكانبهذهمرةماء... " إلى آخر الحديث.

أيضا؛ حديث حذيفة بن أسيد رضي الله عنه في ذكر أشراط الساعة، فذكر منها يأجوج ومأجوج.

أيضا؛ حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: " لما كان ليلةَ أُسري برسول الله صلى الله عليه وسلم لقي إبراهيم موسى وعيسى عليهم السلام فتذاكروا الساعة " إلى أن قال: " فردُّوا الحديث إلى عيسى " فذكر قتل الدّجال ثم قال: "فيرجعالناسإلىبلادهمفيستقبلهميأجوجومأجوجوهممنكلحدبينسلونفلايمرونبماءإلاشربوهولابشيءإلاأفسدوه... " إلى آخر الحديث.

إذن؛ فهذه الآيات وهذه الأحاديث تدل على هذه الآية التي يجعلها الله عز وجل من آيات اقتراب الساعة، وهي أمارة من أماراتها.

 

وأما ما يتعلق بمكان وجودهم: فالذي دلت عليه النصوص أنهم في سدٍّ بين جبلين في جهة المشرق، أما تحديدهم عينًا فلا يثبت فيه نصّ ولم يرِد فيه شيء، ولهذا يجب التوقف في ذلك.

 وقد ورد في الحديث أنهم يحفرون في السدّ وأنه يعود حفرهم كما كان إلى أن يأذن الله عزّ وجل بخروجهم كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في السدّ: " يحفرونه كل يوم حتى إذا كادوا يخرقونه قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا. " قال: " فيعيده الله عزّ وجلّ كأشدّ ما كان. حتى إذا بلغوا مُدّتهم وأراد الله تعالى أن يبعثهم على الناس قال الذي عليهم: ارجعوا فستخرقونه غدًا إن شاء الله. واستثنى " قال: " فيرجعون وهو كهيئته حين تركوه فيخرقونه ويخرجون على الناس، فيستقون المياه، فيفر الناس منهم. " أخرجه الترمذي.

وقد ثبت أيضا أنهم بعد أن يعيثوا في الأرض فسادًا ويتأذّى الناس منهم ومن وجودهم يأذن الله عزّ وجلّ بهلاكهم، ولهذا يصابون بنوع من المرض فيهلكون عن آخرهم، ثم يعيش الناس بعدهمعيشةً هنيئةً طيبة مباركة كما في حديث النواس بن سمعان رضي الله عنه الطويل؛ وفيه " ويحاصر عيسى بن مريم وأصحابه حتى  يَكون رَأْسُ الثَّوْرِ لِأَحَدِهِمْ خَيْرًا مِنْ مِائَةِ دِينَارٍ لِأَحَدِكُمُ الْيَوْمَ  " إلى أن قال: " فَيُرْسِلُ اللَّهُ عَلَيْهِمُ " أي على يأجوج ومأجوج " النَّغف فِي رِقَابِهِمْ، فَيُصْبِحُونَ فُرْسى كَمَوْتِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ ، ثُمَّ يَهْبِطُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى عليه الصلاة والسلام إِلَى الْأَرْضِ، فَلَا يَجِدُونَ فِي الْأَرْضِ مَوْضِعَ شِبْرٍ إِلَّا مَلَأَهُ نَتْنُهُمْ، فَيَرْغَبُ نَبِيُّ اللَّهِ عِيسَى وَأَصْحَابُهُ إِلَى اللَّهِ، فَيُرْسِلُ اللَّهُ طَيْرًا كَأَعْنَاقِ البُخت فَتَحْمِلُهُمْ فَتَطْرَحُهُمْ حَيْثُ شَاءَ اللَّهُ ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللَّهُ مَطَرًا فَيَغْسِلُ الْأَرْضَ حَتَّى يَتْرُكَهَا كالزلق " ثم ذكر في آخر الحديث أنها تطرح بعد أن تغسل الأرض من نتن هؤلاء يطرح الله عز وجل البركة في الأرض وفي ما تنبت الأرض حتى تأكل العصابة من الرمانة ويستظلون بقحفها، وتكون اللقحة من الإبل تكفي الفئام من الناس.. إلى آخر الحديث كما في صحيح مسلم.

 هذا ما يتعلق بخروج يأجوج ومأجوج.

 

أما الأمارة الخامسة أو العلامة الخامسة من الآيات الكبرى فهي:

الدخان

التي قال الله عز وجل عنها {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ * يَغْشَى النَّاسَ ۖ هَٰذَا عَذَابٌ أَلِيمٌ }

وثبت في صحيح مسلم من حديث حُذيفة رضي الله عنه قال : " اطلع النبي صلى الله عليه وسلم علينا ونحن نتذاكر، فقال: " ما تذاكرون؟ "، قلنا: نذكر الساعة، قال: " إنها لن تقوم حتى ترَوْن قبلها عَشْرَ آيات، فذكر الدُّخَان، والدجال، والدابة وطلوع الشمس من مغربها ونزول عيسى بن مريم صلى الله عليه وسلم ويأجوج ومأجوج وثلاثة خسوفٍ؛ خَسف في المشرق وخسف بالمغرب وخسف بجزيرة العرب، وآخر ذلك نار تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ". 

وقد اختلف العلماء في المراد بالدخان الوارد في الآية آنفة الذكر؛ قول الله عز وجل {فَارْتَقِبْ يَوْمَ تَأْتِي السَّمَاءُ بِدُخَانٍ مُّبِينٍ }:

¤فذهب فريق إلى أن هذا الدخان هو ما أصاب قريش من الشدة والجوع عندما دعى عليهم النبي صلى الله عليه وسلم حين لم يستجيبوا له، وإلى هذا القول ذهب عبد الله ابن مسعود رضي الله عنه وتبعه جماعة من السلف، وهو الذي رجّحه الحافظ الطبري رحمه الله، واستدل هؤلاء بما جاء في حديث مسروق بن الأشجع رحمه الله قال:" كنّا جلوسًا عند عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فأتاه رجل فقال: يا أبا عبد الرحمن! إن قاصًّا يقصّ ويزعم أن آية الدخان تجيء فتأخذ بأنفاس الكفار ويأخذ المؤمنين منه كهيئة الزكام. فقال عبد الله وجلس وهو غضبان: يا أيها الناس اتقوا الله، من علم منكم شيئا فيقل بما يعلم ومن لم يعلم فليقل: الله أعلم " إلى أن قال: " فإن الله عز وجل قال لنبيه صلى الله عليه وسلم {قُلْ مَا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ مِنْ أَجْرٍ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُتَكَلِّفِينَ} إن رسول الله صلي الله عليه وسلم لما رأى من الناس إدباراً قال لهم: " اللهم سبعًا كسبع يوسف " -قال- فأخذتهم سبع حصت كل شيء حتى أكلوا الميتة من الجوع وينظر أحدهم إلى السماء فيرى كهيئة الدخان ".

 هذا هو القول الأول.

¤ القول الثاني: أن الدخان هو من الآيات المنتظرة، لم تأتِ بعد، وسيقع قرب يوم القيامة، وإلى هذا ذهب علي بن أبي طالب وابن عباس وأبو سعيد الخدري رضي الله عنهم وغيرهم وكثير من التابعين وكثير من العلماء؛ رجَّح الحافظ ابن كثير رحمه الله هذا مستدلا بالأحاديث التي أشرنا إليها سابقا.

وقد ذهب بعض العلماء إلى الجمع بين هذه الآثار بأن قالوا: هما دخان ظهر أحدهما وبقي الآخر الذي سيكون في آخر الزمان؛ فأما الآية الأولى التي ظهرت فهي ما كانت قريش تراه كهيئة الدخان، وهذا الدخان غير الدخان الحقيقي الذي يكون عند ظهور الآيات التي هي من أشراط الساعة، ولهذا قال الإمام النووي رحمه الله: " ويحتمل أنهما دخانان في الجمع بين هذه الآثار وبين هذه الأقوال . "

 

العلامة السادسة من علامات الساعة الكبرى:

طلوع الشمس من مغربها

وقد دل على ذلك قوله سبحانه {هَلْ يَنظُرُونَ إِلَّا أَن تَأْتِيَهُمُ الْمَلَائِكَةُ أَوْ يَأْتِيَ رَبُّكَ أَوْ يَأْتِيَ بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ ۗ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيَاتِ رَبِّكَ لَا يَنفَعُ نَفْسًا إِيمَانُهَا لَمْ تَكُنْ آمَنَتْ مِن قَبْلُ أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمَانِهَا خَيْرًا ۗ قُلِ انتَظِرُوا إِنَّا مُنتَظِرُونَ }

يقول ابن جرير رحمه الله بعد ذكره لأقوال المفسرين لهذه الآية: " وأولى الأقوال بالصواب في ذلك ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ذلك حين تطلع الشمس من مغربها ". "

وَمِمَّا يدل أيضا على هذه العلامة حديث أبي هُريرة رضي الله عنه أن النبي صلي الله عليه وسلم : " لا تقوم الساعة حتى تطلع الشمس من مغربها، وإذا طلعت ورآها الناس آمن الناس أجمعون، فذلك حيث لا ينفع نفس إيمانها لم تكن ءامنت من قبل أو كسبت في إيمانها خيرا " الحديث رواه البخاري ومسلم .

وأيضا ما رواه مسلم من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها " 

أيضا؛ الحديث الذي رواه الإمام أحمد عن صفوان بن عسال رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: " إن الله فتح بابا قِبل المغرب عرضه سبعون عاماً للتوبة لا يغلق حتى تطلع الشمس منه "

هنا مسألة:وهو أنه ورد في أحاديث أن أول الآيات طلوع الشمس من مغربها،فما معنى هذا الحديث  ؟

فقد جاء عند مسلم وغيره من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه قال : " حفظت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثا لم أنسه بعد؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إن أول الآيات خروجاً: طلوع الشمس من مغربها، وخروج الدابة على الناس ضحى، وأيهما  كانت قبل صاحبتها، فالأخرى على إثرها قريباً "

علق الحافظ ابن حجر رحمه الله على ذلك وقال: " الذي يتوجه من مجموع الأخبار أن خروج الدجال أول الآيات العظام المؤذنة بتغير الأحوال العامة في معظم الأرض، وينتهى ذلك بموت عيسى بن مريم. وأن طلوع الشمس من المغرب هو أول الآيات العظام المؤذنة بتغير أحوال العالم العلوي وينتهي ذلك بقيام الساعة. ولعل خروج الدابة يتبع بذلك اليوم الذى تطلع به الشمس من المغرب ". انتهى كلامه.

فما ذكره الحافظ رحمه الله يعتبر جمعا بين الأدلة.

 

بعد ذلك نأتي بالكلام على العلامة السابعة من علامات الساعة الكبرى وهي:

خروج الدابة:

دائما، من أشراط الساعة الكبرى: خروج الدابة في آخر الزمان تكلم الناس وتقسمهم مؤمنٌ وكافر، وذلك عند فساد الناس وتركهم أوامر الله عز وجل والتقصير الواضح الظاهر في طاعته سبحانه وتعالى؛ يقول جل وعز:{وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دَابَّةً مِّنَ الْأَرْضِ تُكَلِّمُهُمْ أَنَّ النَّاسَ كَانُوا بِآيَاتِنَا لَا يُوقِنُونَ }.

وروي عن ابن عباس رضي الله عنه أن معنى { تُكَلِّمُهُم }: تجرحهم؛ بمعنى تكتب على جبين الكافر كافرا وعلى جبين المؤمن مؤمنا. وروي عنه أيضا أنه بمعنى: تخاطبهم.

وقد ثبت عن الإمام أحمد وغيره من حديث أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " ثم تخرج الدابة فتَسِم الناس على خراطيمهم ثم .... " إلى آخر الحديث.

أيضا ماثبت في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبيّ صلى الله عليه وسلم قال: " بادروا بالأعمال ستًّا؛ الدجال والدخان ودابة الأرض وطلوع الشمس من مغربها وأمر العامة وخُويصة أحدكم ".

وقد ذكر الشيخ أحمد شاكر رحمه الله أن:" الآية صريحة بالقول العربي أنها دابة، ومعنى الدابة في لغة العرب معروف واضح لا يُحتاج فيه إلى تأويل، وقد بين الحديث بعض فعلها، ووردت أحاديث كثيرة في الصحاح وغيرها بخروج هذه الدابة الآية وأنها تخرج آخر الزمان، ووردت آثار أخرى في صفتها لم تنسب إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم المبلِّغ عن ربه والمبين آيات كتابه فلا علينا أن ندعها. " انتهى كلامه

لماذا؟

الشيخ احمد شاكر يقول أنه لا يُلتفت إلى الأوصاف التي جاءت في بعض الروايات الإسرائيلية والقصص ومما لم يصح في صفة هذه الدابة؛أنها بشكل كذا وأنها بشكل كذا...أو أنها ناقة صالح أو أنها غير ناقة صالح...إلى آخر هذه الروايات.. فلم يثبت في ذلك شيء، والدابة من أمور الغيب فنؤمن بها على وفق ماوردت به النصوص فحسب؛أنها من علامات الساعة وأنها تخرج آخر الزمان وأنها تسمالناس. أما هيئتها وطريقتها فالله أعلم بذلك.

 

العلامة الثامنة من علامات الساعة الكبرى:

الخسوف الثلاثة:

و التي أخبر الرسول صلى الله عليه و سلم بحدوثها آخر الزمان

ففي صحيح مسلم من حديث حذيفة - الذي سبق ذكره - فيه أن الرسول صلى الله عليه و سلم قال أنها: " لن تقوم - أي الساعة - حتى تروا قبلها عشر آيات " و ذكر منها ثلاثة خسوف خسف بالمشرق و خسف بالمغرب و خسف بجزيرة العرب.

و أيضا ما ثبت عند الطبراني وغيره من حديثأم سلمة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول: " سيكون بعدي خسف بالمشرق وخسف بالمغرب وخسف في جزيرة العرب " قلت: يا رسول الله أيُخسف بالأرض وفيها الصالحون ؟قال لها رسول الله عليه وسلم: "إذا كثر أهلها الخبث "

 يقول الحافظ بن الحجر رحمه الله: "وقد وجد الخسف في مواضع، ولكن يحتمل أن يكون المراد بالخسوف ثلاثا قدرا زائدا على ما وجد كأن يكون أعظم منه مكانا أو قدرا. "

 

العلامة التاسعة من علامات الساعة الكبرى:

النار التي تحشر الناس في آخر الزمان

و هذا جاء في حديث حذيفة الذي سبق ذكره؛ففيه أن النبي صلى الله عليه و سلم قال:" وآخر ذلك نارٌ تخرج من اليمن تطرد الناس إلى محشرهم ".

و في رواية: " نارٌ تخرج من قعر عدن ترحِّل الناس " رواه مسلم.

أيضا؛ ما ثبت عند الإمام أحمد و غيره من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه و سلم:" ستخرج نارٌ من حضرموت - أو من بحر حضرموت- قبل يوم القيامة تحشر الناس ".

 أيضا؛ ما ثبت في صحيح البخاري من حديث أنس رضي الله عنه أن عبدالله بن سلام لما أسلم سأل النبي الله صلى الله عليه وسلم عن مسائل ومنها: ما أول أشراط الساعة ؟ فقال له النبي الله صلى الله عليه و سلم:" أما أول أشراط الساعة فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب ".

والجمع بين حديث أنس وبين حديث حذيفة،إذ في حديث حذيفة أن آخر ذلك - آخر أشراط الساعة - وفي حديث أنس أنها أول أشراط الساعة، والجمع في ذلك والله أعلم بأن يقال إن آخِرِيَّتَها باعتبار ما ذكر معها من الآيات الواردة معها،ففي حديث حذيفة ذكر معها آيات هي الآخرة بالنسبة لها،أما في حديث أنس فهي باعتبار قيام الساعة بعدها؛ فهي أول ما يكون قبل النفخ في الصور والذي يكون بعده انتهاء هذه الدنيا ثم يكون بالنفخة الثانية قيام الناس من قبورهم. والله أعلم.

هذه علامات الساعة الكبرى.

 

بعد ذلك يأذن الله عز و جل بانتهاء الخليقة وانتهاء هذا العالم السفلي لتبدأ رحلة الآخرة الكبرى، ولهذا ثبت في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن مسعود رضي الله عنه أن النبي الله صلى الله عليه وسلم قال:" لا تقوم الساعةإلا على شرار الخلق "

و أيضا ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله يبعث ريحا من اليمن ألْيَن من الحرير فلا تدع أحدًا في قلبه مثقال ذرة من إيمان إلا قبضته ".

وثبت في صحيح مسلم من حديث أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تقوم الساعة حتى لا يقال في الأرض: الله.. الله "

وأيضا في صحيح مسلم من حديث النواس بن سمعان يرفعه:" فبينما هم كذلك إذ بعث الله ريحا طيبةً فتأخذهم تحت آباطِهم فتقبض روح كل مؤمن – أو: كل مسلم - و يبقى شرار الناس يتهارجون تهارُج  الحُمُر فعليهم تقوم الساعة "

أيضا ثبت في صحيح البخاري من حديث مِرداس الأسلمي رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " يذهب الصالحون الأول فالأول و تبقى حثالةٌ كحثالة الشعير أو التمر لا يباليهم الله باله "

أيضا ثبت في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو:" ثم يرسل الله ريحا باردةً من قبل الشام فلا يبقى على  وجه الأرض أحدٌ في قلبه مثقال ذرة من خير أو إيمان إلا  قبضته، حتى لو كان أحدهم دخل في كبد جَبَلٍلَدخلته عليه حتى تقبِضه " ثم ذكر قول النبي صلى الله عليه و سلم:" فيبقى شرار الناس في خفّة الطير وأحلام السباع لا يعرفون معروفا ولا ينكرون منكرا، فيتمثل لهم الشيطان فيقول:ألا تستجيبون ؟ فيقولون: ما تأمرنا ؟ فيأمرهم بعبادة الاوثان وهم في ذلك دارَّةٌأرزاقُهم حسنٌ عَيْشُهم، ثم ينفخ في الصور ".

 

من المسائل أيضا المهمة المتعلقة - ونختم بهامسألة أشراط الساعة- التسرع في إنزال أشراط الساعة أيًّا كانت هذه الأشراط سواء كانت من العلامات الصغرى أو الكبرى على  الواقع المشاهَد الملموس والجزم بذلك، فإن هذا من الرجم بالغيب لأن علامات الساعة أمور غيبية فلا يجوز الجزم بها ما لم يكن هذا واضحًا بيِّناً لا مرية فيه،أما أن نأتي و نقول أن ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الفلاني أو ما أخبر الله عنه في الآية الفلانية هو الذي وقع أو هو الآن هذا الشيء:فلا يجوز؛ لأن هذا نوعٌ من دعوى علم الغيب، والله عز وجل أخفاها وإذا شاء أن تقع وقعت وعلِمَها الناس، وكَمْ وكَمْ ادَّعى الناس أن هذا الأمر هو ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم ثم تبين خلاف ذلك.

ولهذا لا يجوز الجزم بتنزيل هذه العلامات على أرض الواقع وعلى الأمر المحسوس ما لم يكن هذا الامر ظاهرًا بـيِّـنًا واضحًا لا مرية فيه. والله أعلم.

 

بعد ذلك ننتقل إلى المسائل المتعقلة باليوم الآخر وهي من لوازم الإيمان باليوم الآخر الذي هو الركن السادس من أركان الايمان وأصل من أصول عقيدة المسلم.

وأولى هذه المسائل:

النفخ في الصور والبعث والنشور:

فما المراد بالصور؟

يقول ابن جرير الطبري في هذا المعنى: " اختُلف في معنى الصور في هذا الموضع - في قول الله عز وجل : {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ }- فقال بعضهم : هو قرن يُنفخ فيه نفختان إحداهما لفناء من كان حياً على الأرض، والثانية لنشر كل ميت " يقول: " واستدلوا لقولهم ذلك بقوله تعالى: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ}، وبالخبر الذي رُويَ عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال إذ سئل عن الصور : " هو قرن يُنفخ فيه " " ثم قال: " وقال آخرون – هذا هو الرأي الثاني – الصور في هذا الموضع جمع صورة يُنفخ فيها روحها فتحيا " إلى أن قال: " والصواب من القول في ذلك عندنا ما تظاهرت به الأخبار عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال : " إن إسرافيل قد التقم الصور وحنى جبهته ينتظر متى يؤمر فينفخ " وأنه قال : " الصور قرن ينفخ فيه " " انتهى كلام ابن جرير رحمه الله .

والنفخ في الصور جعله الله عز وجل سبب الفزع والصعق والقيام من القبور وهو القرن الذي وكل الله تعالى به إسرافيل عليه الصلاة والسلام.

والنفخ في الصور النفخة الأولى هو نهاية هذه الحياة الدنيا وفناء كل من فيها؛ كما ورد في قوله سبحانه {كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ *وَيَبْقَىٰ وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ} .

وقد دلت الأحاديث على أن هذه النفخة الأولى تكون يوم الجمعة؛ كما في صحيح مسلم من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " خير يوم طلعت عليه الشمس يوم الجمعة، فيه خُلق آدم ، وفيه أُدخل الجنة ، وفيه أُخرج منها ، ولا تقوم الساعة إلا يوم الجمعة " .

وأيضاً ما ثبت عند أبي داوود والنسائي وابن ماجه وغيرهم من حديث أوس بن أوس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن من أفضل أيامكم يوم الجمعة ، فيه خُلق آدم وفيه قُبض وفيه النفخة وفيه الصعقة ، فأكثروا علي من الصلاة فيه فإن صلاتكم معروضة عليّ " .

وهذه النفخة لا يبقى معها أحد ولا تمهل أحداً فهي سريعة وشديدة كما قال تعالى: {مَا يَنظُرُونَ إِلَّا صَيْحَةً وَاحِدَةً تَأْخُذُهُمْ وَهُمْ يَخِصِّمُونَ * فَلَا يَسْتَطِيعُونَ تَوْصِيَةً وَلَا إِلَىٰ أَهْلِهِمْ يَرْجِعُونَ } لسرعتها وشدتها وفُجَاءَتها فإنهم لا يمهلون أن يوصوا أو يرجعوا إلى أهليهم فيودعوهم ، فقال النبي صلى الله عليه وسلم كما في صحيح مسلم : " ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتاً ورفع ليتاً " – والليت المقصود به هنا: العنق – قال: " وأول من يسمعه رجل يلوط حوض إبله " قال : " فيُصعق ويُصعق الناس " .

وأيضاً ثبت في صحيح البخاري من حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ولتَقُومنَّ الساعة وقد نشر الرجلان ثوبهما بينهما فلا يتبايعانه ولا يطويانه، ولتَقُومنَّ الساعة وقد انصرف الرجل بلبن لِقْحَتِه فلا يطعمه، ولتَقُومنَّ الساعة وهو يَلِيط حوضه فلا يسقي فيه، ولتَقُومنَّ الساعة وقد رفع أحدكم أُكلته إلى فيه فلا يطعمها " وهذا يدل على سرعة قيام الساعة.

 

أما مسألة عدد النفخات في الصور فاختلف العلماء في ذلك: فمنهم من قال نفختان ومنهم من قال ثلاث، والذين قالوا بالثلاث استندوا في ذلك إلى حديث الصور الطويل الذي أخرجه الطبري وغيره وفيه : " ثم ينفخ في الصور ثلاث نفخات: نفخة الفزع ونفخة الصعق ونفخة القيام لرب العالمين " لكن هذا الحديث قد ضعفه جمع من أهل العلم منهم الحافظ ابن حجر رحمه الله كما في الفتح وقد نقل تضعيفه عن البيهقي وعبد الحق ، وقد قال الحافظ ابن كثير بعد أن نقل حديث الصور بطوله: " هو حديث مشهور رواه جماعات من الأئمة في كتبهم وفي بعض سياقه نكارةٌ واختلاف ".

ولعل الذي يترجح والله أعلم أن عدد النفخات نفختان وهذا ما يدل عليه ظاهر الآيات كما في قوله سبحانه: {وَنُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَمَن فِي الْأَرْضِ إِلَّا مَن شَاءَ اللَّهُ ۖ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرَىٰ فَإِذَا هُمْ قِيَامٌ يَنظُرُونَ}؛ فهذه الآية صريحة أن النفخات نفختان فقط:

1-    نفخة الصعق: وهي هلاك كل من أراد الله هلاكه وموته وفناءه.

2-    ثم النفخة الأُخرى لبعث الأرواح فيهم والحياة من جديد وقيامهم لرب العالمين.

أيضاً يدل على أن النفخ نفختان فقط قوله سبحانه: { يَوْمَ تَرْجُفُ الرَّاجِفَةُ * تَتْبَعُهَا الرَّادِفَةُ }  بمعنى أنهما متواليتان: الراجفة والرادفة.

أيضاً مما يدل على أن النفخات نفختان حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " مابين النفختين أربعون "، قالوا: يا أبا هريرة، أربعون يوماً ؟ قال : أبَيْتُ. قالوا : أربعون شهراً ؟ قال : أبيت. قالوا : أربعون سنة ؟ قال : أبيت.

هذا دليل صريح في عدد النفخات، وأما من قال إنها ثلاث نفخات كما سبق استندوا في ذلك إلى أحاديث لا تصح إسناداً ولهذا نبقى مع ما ثبت بالكتاب والسنة وهو رأي الأكثر في ذلك كما حكى ابن جرير الطبري الأقوال في هذه المسألة .

إذن؛ من لوازم الإيمان باليوم الآخر: الإيمان بالنفخ في الصور ، والنفخ يتضمن أمرين : النفخ لإفناء الناس وإفناء كل من كتب الله عليه الفناء، والنفخة الأُخرى التالية نفخة القيام لرب العالمين وإعادة الحياة إلى الأجساد.

وبعد ذلك يكون البعث والنشور وهو ما سنتحدث عنه إن شاء الله في المحاضرة القادمة .

وبالله التوفيق.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدرس السابع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله ربّ العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وأصحابه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.

نرحب بالإخوة والأخوات في مطلع المحاضرة السابعة من محاضرات مادة العقيدة والتي تتعلق باليوم الآخر والقدر، أي بالركنين الخامس والسادس من أركان الإيمان.

وقد توقفنا فيما مضى وانتهينا ن مسألة النفخ في الصور، وسننتقل الآن إلى النقطة التي تليها: أن من لوازم الإيمان باليوم الآخر:

الإيمان بالبعث والنشور

والمقصود بالبعث، المراد به: عودة الأجساد وما يسمى بالمعاد الجسماني وإحياء العباد في يوم المعاد.

والنشور مرادف للبعث، ولهذا يقال: نشر الميت نشورا إذا عاش بعد الموت، وأنشره الله عز وجل إذا أحياه.

والله عز وجل إذا أراد واقتضت حكمته إعادة العباد وإحياءَهم أمر إسرافيلَ فنفخ في الصور فعادت الأرواحُ إلى أجسادها وقام الناس لربِّها.

وقد ثبت في أكثر من حديث أنه يسبق النفخة الثانية في الصور وهي إعادة الأرواح إلى أجسادها نزولُ ماء من السماء، وجاء في بعض النصوص أنه ثخينٌ مثل منيّ الرجال، فتنبت منه أجساد العباد.

فعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " ثم ينفخ في الصور فلا يسمعه أحد إلا أصغى ليتا ورفع ليتا " رواه مسلم.

وقال: " وأول من يسمعه رجلٌ يلوطُ حول إبله فيصعق ويصعق الناس، ثم يرسل الله – أو قال: يُنزل الله – مطرًا كأنه الطلّ ( أو الظلّ ) – وهذا شكّ من الراوي – فتنبت منه أجساد الناس، ثم يُنفخ فيه أخرى فإذا هم قيامٌ ينظرون " ولهذا جاء في الحديث الآخر أيضا أن  كل ابن آدم يبلى في قبره – يعني بعد موته – إلا عَجب الذَّنَب – وهو نهاية ما يسمى بالعمود الفقري؛ العظم الذي يقال له العصعص – فإنه يُركّب منه الجسد مرةً أخرى، فكأنه، سبحان الله، بذرةً للأجساد.

والله عز وجل أكثر من ضرب الأمثال في القرآن فيما يعلّق بإحياء الناس مرة أخرى لله عز وجل يوم القيامة، يضرب مثلا لذلك بإنبات الأرض إذا أنزل عليها الماء؛ كما قال سبحانه: { وَهُوَالَّذِييُرْسِلُالرِّيَاحَبُشْرًابَيْنَيَدَيْرَحْمَتِهِ ۖ حَتَّىٰإِذَاأَقَلَّتْسَحَابًاثِقَالًاسُقْنَاهُلِبَلَدٍمَّيِّتٍفَأَنزَلْنَابِهِالْمَاءَفَأَخْرَجْنَابِهِمِنكُلِّالثَّمَرَاتِ ۚ كَذَٰلِكَنُخْرِجُالْمَوْتَىٰلَعَلَّكُمْتَذَكَّرُونَ }.

وفي حديث أبي هريرة الذي رواه البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " ما بين النفختين أربعون، ثم ينزل من السماء ماء فينبتون كما ينبت البَقل وليس في الإنسان شيءٌ إلاّ بلي إلا عظمٌ واحد هو عَجْبُ الذّنَبِ منه يركب الخلق يوم القيامة "

وعند مسلم أنه قال: " إن في الإنسان عظما لا أكله الأرض أبدا فيه يركبيوم القيامة. " قالوا: أيُّ عظم هو يا رسول الله ؟ قال: " عجب الذنب ".

وأيضا في رواية عند الإمام مالك وأبي داوود والنسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " كل ابن آدم تأكله الأرض إلا عجب الذنب؛ منه خُلق وفيه يُركّب "

فإذا أذن الله عز وجل للخلق بالنشور والبعث يكون أول من تنشق عنه الأرض وأول من يبعث نبينا محمد صلى الله عليه وسلم، ففي حديث أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أنا سيد ولد آدم يوم القيامة وأول من تنشق عنه الأرض ( القبر ) وأول شافع وأول مشفَّع " رواه مسلم.

 

ثم بعد ذلك يأتي:

حشر الخلائق جميعا إلى عرصات القيامة

إلى الموقف العظيم؛ فمن لوازم الإيمان باليوم الآخر أن يؤمن العبد بهذا الحشر؛ يعني يجمع الناس في صعيد واحد ومكان واحد؛ في هذا المكان يحاسبون، وقد أشار الله عز وجل إلى هذا في قوله: { إِنكُلُّمَنفِيالسَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِإِلَّاآتِيالرَّحْمَٰنِعَبْدًا * لَّقَدْأَحْصَاهُمْوَعَدَّهُمْعَدًّا * وَكُلُّهُمْآتِيهِيَوْمَالْقِيَامَةِفَرْدًا } يأتي وحده كما خلقه الله عزّ وجل وكما خرج إلى هذه الدنيا وحده؛ ليس معه حشم ولا خدم ولا جنود ولا أعوان { وَحَشَرْنَاهُمْفَلَمْنُغَادِرْمِنْهُمْأَحَدًا } بمعنى لا يمكن أن يتخلّف مخلوق عن مكان الحشر.

 وهذه النصوص تدل بعمومها على أن الخلائق جميعًا يحشرون؛ الإنس والجنّ والملائكة. واختُلف في البهائم؛ هل تُحشر معهم أم لا، وقد رجّح شيخ الإسلام رحمه الله أن البهائم أيضا تحشر معهم؛ يقول: " وأما البهائم فجميعها يحشرها الله سبحانه وتعالى كما دلّ على ذلك الكتاب والسنّة " قال تعالى: { وَمَامِندَابَّةٍفِيالْأَرْضِوَلَاطَائِرٍيَطِيرُبِجَنَاحَيْهِإِلَّاأُمَمٌأَمْثَالُكُم ۚ مَّافَرَّطْنَافِيالْكِتَابِمِنشَيْءٍ ۚ ثُمَّإِلَىٰرَبِّهِمْيُحْشَرُونَ } قال تعالى: { وَإِذَاالْوُحُوشُحُشِرَتْ } وقال: { وَمِنْآيَاتِهِخَلْقُالسَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِوَمَابَثَّفِيهِمَامِندَابَّةٍ ۚ وَهُوَعَلَىٰجَمْعِهِمْإِذَايَشَاءُقَدِيرٌ } "

ولا يعني أنها تُحشر لأن تكون دائمة أو أنها ستُخلّد، لا، إنما تحشر فيُقتصّ من بعضها لبعض، وهذا من باب إظهار عدل الله عزّ وجلّ، ثم يأذن الله عز وجلّ بفَنائِها فتفنى وتكون تُرابا كما جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أنه قال: " يحشر الله الخلق كلهم يوم القيامة؛ البهائم والطير والدوابّ وكل شيء فيبلغ من عدل الله أن يأخُذَ من الجمَّاءِ للقَمَّاء – يعني: التي ليس لها قرون تعرضت إلى نطح هذه الشاة التي لها قرون-ثميقولكونيترابافذلكقولهتعالىحكايةعنالكفار:{ وَيَقُولُالْكَافِرُيَالَيْتَنِيكُنتُتُرَابًا }"هذاالحديثأوردهالقرطبيفيالتذكرةوابنكثيرفيتفسيرهوغيرهما.

كيفيُحشرالناسإلىالمحشر؟

جاءهناكأحاديثفيصفةحشرالعبادإلىمكانالحشروهوأنهميحشرونحفاةًغيرمنتعلين،عراةًغيرمكتسين،غرلاًغيرمختونينكماخرجوالهذهالدنياأولمرة؛كمابدأهماللهعزوجليعودون.

ففيالحديثالمتفقعليه؛حديثابنعباسرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليه وآلهوسلمقال: "إنكممحشورونحفاةًعراةًغُرْلا " ثمقرأقولهتعالى: { كَمَابَدَأْنَاأَوَّلَخَلْقٍنُّعِيدُهُ ۚ وَعْدًاعَلَيْنَا ۚ إِنَّاكُنَّافَاعِلِينَ}

وعندماسمعتعائشةرضياللهعنها-فيالحديثالمتفقعليه-الرسولصلىاللهعليهوسلميقول "يُحشرالناسيومالقيامةحفاةعراةغرلا" قالت:يارسولالله،الرجالوالنساءجميعاينظربعضهمإلىبعض؟! يعنيكأنهااستنكرتهذاالأمر.قال: " ياعائشة،الأمرأشدمنأنينظربعضهمإلىبعض ".

ولهذايكونأولمنيُكسىبالثيابويُستر:الصالحون،وأولمنيكسىمنعباداللهعزوجلنبياللهإبراهيم؛ففيالحديثالذيرواهالبخاريمنحديثابنعباسأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال " إنأولالخلائقيكسىيومالقيامةإبراهيمُالخليل" 

وقدتضافرتالأدلةفيالكتابوالسنةعلىإثباتهذاالبعثوالنشور،وقدذكرأهلالعلمأنهذهالأدلةتضمنتأنواعامنالاستدلالاتسواءًكاناستدلالاعقلياأوفقهياأوحسيًّابمالايدعمجالاولامساحةلإنكارذلكوتكذيبهوجحده،وهذاأمرقطعيٌّومعلومٌبضرورةالشرعوالعقلوالحسأناللهعزوجلسيُـعيدالناسوسيبعثهممرةأخرىكماخلقهمأولمرة،خلافًاللملاحدةالذينأنكرواذلك،ولهذاهناكأنواعٌمنالأدلةذكرهااللهسبحانهوتعالىعلىإثباتالبعثوالنشور،ومنذلك- كماذكرهذاالشيخمحمدالأمينالشنقيطيوغيره -:

·        الاستدلالعلىالبعثبمنأماتهماللهثمأحياهم،ومنذلكمثلاقومموسىكماقالاللهتعالى:{وَإِذْقُلْتُمْيَامُوسَىٰلَننُّؤْمِنَلَكَحَتَّىٰنَرَىاللَّهَجَهْرَةًفَأَخَذَتْكُمُالصَّاعِقَةُوَأَنتُمْتَنظُرُونَ *ثُمَّبَعَثْنَاكُممِّنبَعْدِمَوْتِكُمْلَعَلَّكُمْتَشْكُرُونَ }فأهلكهماللهعزوجلبالصاعقةوماتواثمبعثهممرةأخرى،فهذادليلحسيواقعيعلىإمكانبعثاللهعزوجلالعباديومالقيامة.

أيضا؛ماجاءفيقولهسبحانه:{وَإِذْقَتَلْتُمْنَفْسًافَادَّارَأْتُمْفِيهَا ۖ وَاللَّهُمُخْرِجٌمَّاكُنتُمْتَكْتُمُونَ* فَقُلْنَااضْرِبُوهُبِبَعْضِهَا ۚ كَذَٰلِكَيُحْيِياللَّهُالْمَوْتَىٰوَيُرِيكُمْآيَاتِهِلَعَلَّكُمْتَعْقِلُونَ }لماضُرِبالميتبجزءٍمنالبقرةأحياهاللهعزوجلوأخبرعمنقتلهثمعادإلىحاله،فهذادليلحسىواقعيٌّعلىإمكانيةبعثاللهعزوجلالأمواتمرةأخرى.

أيضا؛منالأدلةالتيجاءتفيهذاالنوعقولهسبحانهوتعالى: {أَلَمْتَرَإِلَىالَّذِينَخَرَجُوامِندِيَارِهِمْوَهُمْأُلُوفٌحَذَرَالْمَوْتِفَقَالَلَهُمُاللَّهُمُوتُواثُمَّأَحْيَاهُمْ ۚ }

أيضاماجاءفيقوله: {أَوْكَالَّذِيمَرَّعَلَىٰقَرْيَةٍوَهِيَخَاوِيَةٌعَلَىٰعُرُوشِهَاقَالَأَنَّىٰيُحْيِيهَٰذِهِاللَّهُبَعْدَمَوْتِهَا ۖ فَأَمَاتَهُاللَّهُمِائَةَعَامٍثُمَّبَعَثَهُ ۖ }

أيضاماذكرهاللهسبحانهوتعالىعنالطيرالتيأمرإبراهيمَأنيذبحهاثميعجنلحمهاوعظامهاثميفرّقهاثميدعوهنّفيأتينهسعيًا{وَإِذْقَالَإِبْرَاهِيمُرَبِّأَرِنِيكَيْفَتُحْيِيالْمَوْتَىٰ ۖ قَالَأَوَلَمْتُؤْمِن ۖ قَالَبَلَىٰوَلَٰكِنلِّيَطْمَئِنَّقَلْبِي ۖ قَالَفَخُذْأَرْبَعَةًمِّنَالطَّيْرِفَصُرْهُنَّإِلَيْكَثُمَّاجْعَلْعَلَىٰكُلِّجَبَلٍمِّنْهُنَّجُزْءًاثُمَّادْعُهُنَّيَأْتِينَكَسَعْيًا ۚ وَاعْلَمْأَنَّاللَّهَعَزِيزٌحَكِيمٌ }

أيضا؛ماأخبرهاللهسبحانهوتعالىعنعيسىأنهكانيحييالموتىبإذنهكماقال:{ وَرَسُولًاإِلَىٰبَنِيإِسْرَائِيلَأَنِّيقَدْجِئْتُكُمبِآيَةٍمِّنرَّبِّكُمْ ۖ أَنِّيأَخْلُقُلَكُممِّنَالطِّينِكَهَيْئَةِالطَّيْرِفَأَنفُخُفِيهِفَيَكُونُطَيْرًابِإِذْنِاللَّهِ ۖ وَأُبْرِئُالْأَكْمَهَوَالْأَبْرَصَوَأُحْيِيالْمَوْتَىٰبِإِذْنِاللَّهِ ۖ }{وَأُحْيِي } هذا هو الشاهد.

إذن؛النوعالأول:الاستدلالعلىالبعثبمنأماتهماللهثماحياهم،وذكرناطرفمنهموأمثلةعلىذلك.

·        النوعالثانيأيضاًالاستدلالبإحياءالارضبعدموتها:وهذاكماأسلفتوردفيالقرآنكثيرا،فلايكاديذكرنزولالغيثوإحياءالأرضبعدموتهاإلاويذكرفينفسالمقامالبعثوالنشور؛يعنيالاستدلالعلىالبعثوالنشوربإحياءاللهعزوجلهذهالأرضالتيكانتهامدةخاشعةترابًاتذروهاالرياحفينزلاللهعزوجلعليهاالمطرفتدبّفيهاالحياةفتنبتمنكلزوجٍبهيج،ولهذاقالفيآيةالحجلماذكرأطوارخلقابنآدمثمموتهثمبعثهقال: {أَلَمْتَرَأَنَّاللَّهَأَنزَلَمِنَالسَّمَاءِمَاءً}ثمقال: {إِنَّالَّذِيأَحْيَاهَالَمُحْيِيالْمَوْتَىٰ ۚ }{ وَمِنْآيَاتِهِأَنَّكَتَرَىالْأَرْضَخَاشِعَةًفَإِذَاأَنزَلْنَاعَلَيْهَاالْمَاءَاهْتَزَّتْوَرَبَتْ ۚ إِنَّالَّذِيأَحْيَاهَالَمُحْيِيالْمَوْتَىٰ ۚ إِنَّهُعَلَىٰكُلِّشَيْءٍقَدِيرٌ }

الشاهدأنهذاالنوعمنالأدلةوردفيالقرآنكثيرا.

·        النوعالثالث:الاستدلالبالخلقالأولعلىالخلقالثاني:فيستدلبالنشأةالأولىعلىالإعادة،وهذاأيضاوردفيالقرآنكثيرا؛كماقالاللهعزوجلعنذاكالملحدالذيجاءإلىالنبيصلىاللهعليهوسلمبعظمقدأرمففتهبينأصبعيهوقال:يامحمدأيعيدهالله-عزوجل-مرةأخرى؟فأنزلالله: {وَضَرَبَلَنَامَثَلًاوَنَسِيَخَلْقَهُ ۖ قَالَمَنيُحْيِيالْعِظَامَوَهِيَرَمِيمٌ* قُلْيُحْيِيهَاالَّذِيأَنشَأَهَاأَوَّلَمَرَّةٍ ۖ وَهُوَبِكُلِّخَلْقٍعَلِيمٌ}استدلعليهبأنالذيأنشأهاأولمرةقادرٌبلأسهلوليسهناكشيءٌصعبعلىالله،أسهلوأيسرأنيعيدهامرةأخرى.

وفِيسورةالإسراء{ فَسَيَقُولُونَمَنيُعِيدُنَا ۖ قُلِالَّذِيفَطَرَكُمْأَوَّلَمَرَّةٍ ۚ}الكفارلمااعترضواالنبيصلىاللهعليهوسلمقالوا:كيفيُعيدُنا؟ فأنزلالله{ الذيفطركمأولمرة }الذيخلقكمأولمرةعليغيرمثالٍسابق.

أيضافيالآيةالأخرى:{وَهُوَالَّذِييَبْدَأُالْخَلْقَثُمَّيُعِيدُهُوَهُوَأَهْوَنُعَلَيْهِ ۚ وَلَهُالْمَثَلُالْأَعْلَىٰفِيالسَّمَاوَاتِوَالْأَرْضِ ۚ وَهُوَالْعَزِيزُالْحَكِيمُ}

·        النوعالرابع:الاستدلالبالخلقالأكبرعلىالخلقالأصغر:فإذاكانقادراًعلىخلقوإنشاءماهوأعظممنإعادةالإنسانفمنبابأولىأنيكونقادراعلىإعادةالإنسانمرةًأخرى؛مثالذلكالاستدلالبخلقالسمواتوالأرضفإنخلقهماأعظممنخلقالإنسانولامقارنةولامقارنةكماقالسبحانه:{وَقَالُواأَإِذَاكُنَّاعِظَامًاوَرُفَاتًاأَإِنَّالَمَبْعُوثُونَخَلْقًاجَدِيدًا}   { أَوَلَمْيَرَوْاأَنَّاللَّهَالَّذِيخَلَقَالسَّمَاوَاتِوَالْأَرْضَقَادِرٌعَلَىٰأَنيَخْلُقَمِثْلَهُمْوَجَعَلَلَهُمْأَجَلًالَّارَيْبَفِيهِ }فيآيةيس{ أَوَلَيْسَالَّذِيخَلَقَالسَّمَاوَاتِوَالْأَرْضَبِقَادِرٍعَلَىٰأَنيَخْلُقَمِثْلَهُم ۚ بَلَىٰوَهُوَالْخَلَّاقُالْعَلِيمُ}فإذاكانقادرًاعلىأنيخلقالسمواتوالأرضوينشئالسمواتوالأرضفإعادةالإنسانأسهلوأيسر .

·        النوعالخامسوالأخير:الاستدلالبخلقاللهعزوجلللمتناقضاتالمتقابلاتأنهيخرجالحيمنالميتويخرجالميتمنالحيويخرجالنقيضمننقيضه،كاستدلالهسبحانهوتعالىعلىالبعثوالإعادةبإخراجالنارمنالشجرالأخضر؛الشجرالأخضرطبيعتهرطبة-يعنيماء-والناريابسةوالناروالماءضدَّانومعذلكأخرجاللهعزوجلالنارمنهذاالشيءالمائع،منالضد،فهوقادرٌعلىإعادةخلقالإنسانمرةًأخرى؛فيهردعلىالفلاسفة؛لأنالفلاسفة يقولون:الحياةطبيعتهارطبةوالموتطبيعتهيابسة،فاللهعزوجلردعلىهؤلاءجميعافقال:{الَّذِيجَعَلَلَكُممِّنَالشَّجَرِالْأَخْضَرِنَارًافَإِذَاأَنتُممِّنْهُتُوقِدُونَ}هذهالآيةجاءتفيمساقالردّعليالذيجحدوأنكرإعادةاللهعزوجلالأجسادوالخلقمرةأخرى.

هذهبعضالأدلةالدالةعليإثباتالمعاد،وهناكأدلةعقليةوأدلةحسيةليسهذامجالاستقصائهاوبيانها،ويكفيمنالقلادةماأحاطبالعنق.

أماالأرضالتييحشرالناسإليها،كماذكرناسابقاأناللهيأذنللخلائقجميعاأنيجتمعوافيأرضالمحشر.

ماهيأرضالمحشر؟هلهيهذه الأرضالمشاهدة؟

الصحيحأناللهعزوجليبدلهذهالأرضأرضاأخرى،يبدلهابأرضٍنقيَّةلميسفكعليهادمحرامكماقالسبحانه{ يَوْمَتُبَدَّلُالْأَرْضُغَيْرَالْأَرْضِوَالسَّمَاوَاتُ ۖ وَبَرَزُوالِلَّهِالْوَاحِدِالْقَهَّارِ}

والحديثالذيرواهالبخاريومسلممنحديثسهلبنسعد،أنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: "يحشرالناسيومالقيامةعلىأرضبيضاءعفراء،كقرصةالنقِي " يقول سهل: "ليسفيهامَعْلَمٌلأحد"وذكرالخطابيمعنيالعفراء؛يقول : " بياضهاليسبناصع "

فيحشراللهعزوجلالناسإلىهذهالأرضفيجتمعونجميعالايتخلفمنهمأحد؛لانبيّمرسلولاملكولامملوك،وتدنومنهمالشمسقدرميل،ولايُعلمهذاالميل؛هلهوالمسافةأمميلالمكحلة ؟

ومقداربقائهمفيهذاالمكانكماجاءفيالآياتخمسونألفسنة،ولهذايشقعلىالناسهذااليومالعظيمويبلغفيهمالعرقمبلغايتفاوتونفيهبحسبأعمالهم؛كماثبتفيصحيحمسلممنحديثالمقدادبنالأسودأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: " تُدْنواالشمسُيومَالقيامةِمِنَالخلقِحتىيكونَمنهمْكمقدارِميلٍفيكونُالناسُعلىقدرِأعمالِهمْفيالعرقِ؛فمنهمْمَنْيكونُإلىكعبيهِ،ومنهمْمَنْيكونُإلىركبتيهِ،ومنهمْمَنْيكونُإلىحقويهِ،ومنهمْمَنْيُلجمُهُالعرقُإلجامًاوأشارَالنبيصلَّىاللهُعليهِوسلَّمَبيدِهِإلىفيهِ"ومنهممنلايضرهذلكشيئا،وهؤلاءهمالذينأكرمهماللهبظلعرشهيوملاظلإلاظلُّه.

ولاشكأنيومالقيامةيومعظيمشديدٌهوله،وَمِمَّايدلعلىهولهذااليوموعظمأمرهأناللهعزوجلوصفهبأوصافتنبئعنحقيقةهذااليوم{أَلَايَظُنُّأُولَٰئِكَأَنَّهُممَّبْعُوثُونَ (4) لِيَوْمٍعَظِيمٍ (5) يَوْمَيَقُومُالنَّاسُلِرَبِّالْعَالَمِينَ (6)}وصفهاللهعزوجل بأنهيومعظيم{إِنَّهَٰؤُلَاءِيُحِبُّونَالْعَاجِلَةَوَيَذَرُونَوَرَاءَهُمْيَوْمًاثَقِيلًا}وقالفيالآيةالثالثة{فَذَٰلِكَيَوْمَئِذٍيَوْمٌعَسِيرٌ (9) عَلَىالْكَافِرِينَغَيْرُيَسِيرٍ (10)} {يَاأَيُّهَاالنَّاسُاتَّقُوارَبَّكُمْ ۚ إِنَّزَلْزَلَةَالسَّاعَةِشَيْءٌعَظِيمٌ (1) يَوْمَتَرَوْنَهَاتَذْهَلُكُلُّمُرْضِعَةٍعَمَّاأَرْضَعَتْوَتَضَعُكُلُّذَاتِحَمْلٍحَمْلَهَاوَتَرَىالنَّاسَسُكَارَىٰوَمَاهُمبِسُكَارَىٰوَلَٰكِنَّعَذَابَاللَّهِشَدِيدٌ (2)}  فيهذااليومتنقطعالأنساببينالناسويتخلىكلواحدعنأقاربهوذويهوأرحامه{فَإِذَانُفِخَفِيالصُّورِفَلَاأَنسَابَبَيْنَهُمْيَوْمَئِذٍوَلَايَتَسَاءَلُونَ}

بلهذااليومذكراللهعزوجلأنهلوكانللكافرملءُالأرضذهبًالافتدىبهمنهوله{ وَلَوْأَنَّلِكُلِّنَفْسٍظَلَمَتْمَافِيالْأَرْضِلَافْتَدَتْبِهِ ۗ }.

 

ومنلوازمالإيمانباليومالآخر:

الإيمانبالحوض:

والحوض؛المقصودبهحوضالنبيصلىاللهعليهوسلمالذييكونفيعرصاتالقيامة،وقدثبتبصريحالسنةبلمماتواترعنالنبيصلىاللهعليهوسلمإثباته، فقدرواهمنالصحابةبضعٌوثلاثونصحابيًّا:

منهاماثبتفيصحيحالبخاريمنحديثأنسبنمالكرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: " إنقدرحوضيكمابينأيلةإلىصنعاءمناليمن،وإنفيهمنالأباريقكعددنجومالسماء "

وأيضا؛ثبتفيصحيحمسلمأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: " ليرِدنعليناسمنأصحابيحتىإذاعرفتهماختُـلِجوادوني،فأقول:أصيحابي.فيقول:لاتدريماأحدثوابعدك ".

وعلىكلحال؛الأحاديثالواردةفيالحوضكثيرةكماذكرت،وقدذكرأهلالعلمجملةمنصفاتهذاالحوضكماوردتفيالاحاديثالصحيحة،كماذكرذلكابنأبيالعزالحنفيوغيرهفيشرحالطحاوية؛ذكرأنهحوضعظيموموردكريميمدمنشرابالجنةمننهرالكوثرالذيهوأشدبياضامناللبنوأبردمنالثلجوأحلىمنالعسلوأطيبريحامنالمسك،وهوفيغايةالاتساع؛عرضهوطولهسواء،كلُّزاويةمنزواياهمسيرةُشهرٍ،وفيبعضالأحاديثأنهكلماشربمنهوهوفيزيادةواتساع.

ولاشكأيضا؛ثبتأنلكلنبيحوضالكنحوضنبيناعليهالصلاةوالسلامهوأوسعهاوأكبرهاوأكثرهاواردا.

 

أيضامنلوازمالإيمانباليومالآخر:

الإيمانبالشفاعة.

فهناكأنواعمنالشفاعةتكونيومالقيامة:

*       فأعظمهاوأولهاالشفاعةالعظمى،وهيالخاصةبنبينامحمدصلىاللهعليهوسلم،ويتميزبهذهالشفاعةدونسائرإخوانهمنالأنبياءوالمرسلينبلدونسائرالخلققاطبة.

فقدثبتفيصحيحفيالبخاريأنهاالمقامالمحمودالذيقالاللهعزوجلفيه:{عَسَىٰأَنيَبْعَثَكَرَبُّكَمَقَامًامَّحْمُودًا}أييحمدهالناسعليه.

وقدثبتفي الصحيحأنهقال:" أناسيدالشفعاء "وذلكأنهاإذاطلبتمنهبعدأنيذهبالخلقإلىآدموإلىأوليالعزممنالرسل؛نوحوابراهيموموسىوعيسىفيرُدُّونهاإلىالنبيصلىاللهعليهوسلم؛يقول: "فأذهبإلىربيفإذارأيتهخررتلهساجدا،فأحمدربيبمحامديفتحهاعليلاأحسنهاالآن،فيقوللي:«أيمحمد،ارفعرأسكوقلتسمعواسألتعطَواشفعتُشفّع»قال:" فأقول:ربِّأمتيأمتي.فيُحدُّ ليحدًّافأدخلهمالجنة "

هذاهوالنوعمنالشفاعةالتيتكونفيعرصاتالقيامةوهيالشفاعةالعظمى،وهيخاصةبنبيناصلىاللهعليهوسلم.

*       النوعالثانيوالثالثمنالشفاعات:شفاعتهصلىاللهعليهوسلمفيأقوامٍقدتساوتحسناتهموسيئاتهم،فيشفعفيهمليدخلواالجنة،وفيأقوامآخرينقدأُمربهمإلىالنارأن لايدخلوها.

*       النوعالرابع:شفاعتهصلىاللهعليهوسلمفيرفعدرجاتمنيدخلالجنةفيهافوقماكانيقتضيهثوابأعمالهم.

*       والنوعالخامس:الشفاعةفيأقوامأنيدخلواالجنةبغيرحساب،ولعلهاستشهدلهذابحديثعكاشةبنمحصنعندمادعالهالرسولصلىاللهعليهوسلمأنيجعلهمنالسبعينألفًاالذينيدخلونالجنةبغيرحساب.

*       النوعالسادس:الشفاعةفيتخفيفالعذابعنمنيستحقهكشفاعتهفيعمهأبيطالبأنيخففعنهعذابه،وهذاخاصبالنبيصلىاللهعليهوسلم.

*       النوعالسابع:شفاعتهأنيؤذنلجميعالمؤمنينبدخولالجنة،وهذاأيضامنالشفاعاتالخاصةبهعليهالصلاةوالسلامالذيلايشركهفيهغيره،كماثبتفيصحيحمسلمفيحديثأنسأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: "أناأولشفيعفي الجنة ".

*       النوعالثامن:شفاعتهفيأهلالكبائرمنأمتهممندخلالنارفيخرجونمنها،وهذاالنوعمنالشفاعةقدتواترتفيهالأحاديث،وقدضلفيهذاالخوارجوالمعتزلةفخالفوامدلولتلكالأحاديثجهلاًمنهموعنادًا. وهذهالشفاعةيشاركهفيهاالملائكةوالنبيونوالمؤمنونوأيضاتتكررمنهعليهالصلاةوالسلامكماجاءفيبعضالأحاديثأربعمرات.

هذامايتعلقبمسألةالشفاعة،وهيكماأسلفتمنلوازمالإيمانباليومالآخر.

 

أيضا؛منلوازمالإيمانباليومالآخر:

مسألةالعرضوالحساب.

كماقالسبحانه: { يَوْمَئِذٍتُعْرَضُونَلَاتَخْفَىٰمِنكُمْخَافِيَةٌ }وقال: {يَاأَيُّهَاالْإِنسَانُإِنَّكَكَادِحٌإِلَىٰرَبِّكَكَدْحًافَمُلَاقِيهِ } { وَعُرِضُواعَلَىٰرَبِّكَصَفًّالَّقَدْجِئْتُمُونَاكَمَاخَلَقْنَاكُمْأَوَّلَمَرَّةٍ ۚ }

وقدثبتفيصحيحالبخاريمنحديثعائشةأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: "ليسأحدٌيحاسَبيومالقيامةإلاهلك. "فقلت:يارسولالله،أليسقدقالاللهتعالى {فَأَمَّامَنْأُوتِيَكِتَابَهُبِيَمِينِهِ* فَسَوْفَيُحَاسَبُحِسَابًايَسِيرًا} ؟ فقالالنبيصلىاللهعليهوسلم: "إنماذلكالعرض،وليسأحدٌيناقَشالحسابيومالقيامةإلاعُذّب" يعنيأنهلوناقشفيحسابهلعبيدهلعذّبهموهوغيرظالملهم،لكنهسبحانهوتعالىيعفوويتسامح.

وجاءعندالإمامأحمدفيالترمذي،الحديثالحسن،قالسمعتأباموسىالأشعرييقول:قالالرسولصلىاللهعليهوسلم: "يُعرضالناسيومالقيامةثلاثعَرَضات؛فعرضتانجدالومعاذيروعرضةتطايرالصحف،فمنأوتيكتابهبيمينهوحوسبحسابايسيرادخلالجنة،ومنأوتيكتابهبشمالهدخلالنار ".

هذامايتعلقبالعرضوالحساب.

 

أيضا؛منلوازمالإيمانباليومالآخر:

الإيمانبالميزانحقيقةً.

والميزانميزانحقيقيّقكمادلتعلىذلكالسُّنة،توزنفيهالأعمال،وهوميزانحسيٌّمُشاهدٌلهكِفّتان،كماقالسبحانه: {وَنَضَعُالْمَوَازِينَالْقِسْطَلِيَوْمِالْقِيَامَةِفَلَاتُظْلَمُنَفْسٌشَيْئًا ۖ وَإِنكَانَمِثْقَالَحَبَّةٍمِّنْخَرْدَلٍأَتَيْنَابِهَا ۗ وَكَفَىٰبِنَاحَاسِبِينَ }يقولالقرطبيرحمهالله: "قالالعلماء:إذاانقضىالحسابكانبعدهوزنالأعماللأنالوزنللجزاءفينبغيأنيكونبعدالمحاسبة،فإنالمحاسبةلتقريرالأعمالوالوزنلإظهارمقاديرهاليكونالجزاءبحسبها،واللهأعلم " انتهىكلامه.

هلالميزانميزانواحدأوموازينمتعددة؟

الله -عزوجل – قال: { وَنَضَعُالْمَوَازِينَالْقِسْطَلِيَوْمِالْقِيَامَةِ}[الأنبياء:٤٧]

واختُلففيذلكفقيل: النصوصتحتملأنهاموازينمتعددةتوزنفيهاالأعمال .

ويُحتملأنيكونالمرادميزانواحدوإنماالجمعهنابحسبالموزونات،فجمعباعتبارتنوعالأعمالالموزونة .

وممايدلعلىأنهميزانحسيّلهكفتانحديثالبطاقة؛ قَالَرَسُولُاللهصَلَّىاللهعَلَيْهِوَسَلَّمَ: "إِنَّاللهسَيُخَلِّصُرَجُلًامِنْأُمَّتِيعَلَىرُءُوسِالْخَلَائِقِيَوْمَالْقِيَامَةِ،فَيَنْشُرُعَلَيْهِتِسْعَةًوَتِسْعِينَسِجِلًّا،كُلُّسِجِلٍّمِثْلَمَدِّالْبَصَرِ،ثُمَّيَقُولُأَتُنْكِرُمِنْهَذَاشَيْئًا؟أَظَلَمَكَكَتَبَتِيالْحَافِظُونَ؟فَيَقُولُ : لَايَارَبِّ ! فَيَقُولُ :أَفَلَكَعُذْرٌ؟قَالَ :لَايَارَبِّ ! فَيَقُولُ :بَلَى؛إِنَّلَكَعِنْدَنَاحَسَنَةً،وَإِنَّهُلَاظُلْمَعَلَيْكَالْيَوْمَ،فَتُخْرَجُبِطَاقَةٌفِيهَا : أَشْهَدُأَنْلَاإِلَهَإِلَّاالله،وَأَنَّمُحَمَّدًاعَبْدُهُوَرَسُولُهُ،فَيَقُولُ : احْضُرْوَزْنَكَ،فَيَقُولُ : يَارَبِّ ! مَاهَذِهِالْبِطَاقَةُمَعَهَذِهِالسِّجِلَّاتِ؟فَيَقُولُ : إِنَّكَلَاتُظْلَمُ،قَالَ : فَتُوضَعُالسِّجِلَّاتُفِيكِفَّةٍ،وَالْبِطَاقَةُفِيكِفَّةٍ،فَطَاشَتِالسِّجِلَّاتُوَثَقُلَتِالْبِطَاقَةُ؛فَلَايَثْقُلُمَعَاسْمِاللهشَيْءٌ . " صححهالألباني.

أيضا؛منالمسائلالمتعلقةبالميزان: ماالشيءالذييوزن؟هلالذييوزنالأعمالنفسهاأمالعاملأمصحفالأعمال؟

والصحيحأنكلهذهالأشياءتوزنوكلهاثبتت،كوزنالأعمالثبتفيالحديث" كَلِمَتَانِخَفِيفَتَانِعَلَىاللِّسَانِ،ثَقِيلَتَانِفِيالمِيزَانِ،حَبِيبَتَانِإِلَىالرَّحْمَنِ: سُبْحَانَاللهالعَظِيمِ،سُبْحَانَاللهوَبِحَمْدِهِ "

أيضاجاءفيالحديثالآخر" مَامِنْشَيْءٍأَثْقَلُفِيالْمِيزَانِمِنْحُسْنِالْخُلُقِ".

وأيضاثبتأنالعاملنفسهيوزَنكماجاءفيالحديث " إِنَّهُلَيَأْتِيالرَّجُلُالْعَظِيمُالسَّمِينُيَوْمَالْقِيَامَةِلَايَزِنُعِنْدَاللهجَنَاحَبَعُوضَةٍ ".

حديثابنمسعود"أَنَّابْنَمَسْعُودٍكَانَيَجْنِيلَهُمْنَخْلَةً،فَهَبَّتِالرِّيحُفَكَشَفَتْعَنْسَاقَيْهِ . قَالَ :فَضَحِكُوامِنْدِقَّةِسَاقَيْهِ،فَقَالَالنَّبِيُّصَلَّىاللهعَلَيْهِوَسَلَّمَ : " أَتَضْحَكُونَمِنْدِقَّةِسَاقَيْهِ؟وَالَّذِينَفْسِيبِيَدِهِلَهُمَاأَثْقَلُفِيالْمِيزَانِمِنْجَبَلِأُحُدٍ".

أيضاثبتأنالصحفتوزنكمافيحديثالبطاقةالسابقفتوضعالبطاقةفيكفةوتوضعالسجلاتفيكفةفطاشتالسجلاتوثقلتالبطاقة .

إذن؛الذييوزنالأعمالوالعاملوالعملكلهاثبتأنهاتوزنفيالميزان.

 

أيضا؛منلوازمالإيمانباليومالآخر:

الإيمانبالمرورعلىالصراط

والصراطهوالجسرالذيعلىمتنجهنم،إذاانتهىالناسبعدمفارقتهممكانالموقفإلىالظلمةالتيدونالصراطكماقالتعائشةرضياللهعنهاأنالرسولصلىاللهعليهوسلم " سئلالرسولصلىاللهعليهوسلم: أينيكونالناسيومتبدلالأرضغيرالأرضوالسماوات؟فقال: همفيالظلمةدونالجسر"رواهمسلم.

وفِيهذاالموضعبالذاتيفارقالمؤمنونالمنافقينويتخلفالمنافقونعنهمويسبقهمالمؤمنونويحالبينهمبسوريمنعهمكمافيسورةالحديد{يَوْمَيَقُولُالْمُنَافِقُونَوَالْمُنَافِقَاتُلِلَّذِينَآمَنُواانظُرُونَانَقْتَبِسْمِننُّورِكُمْقِيلَارْجِعُواوَرَاءَكُمْفَالْتَمِسُوانُورًافَضُرِبَبَيْنَهُمبِسُورٍلَّهُبَابٌبَاطِنُهُفِيهِالرَّحْمَةُوَظَاهِرُهُمِنقِبَلِهِالْعَذَابُ}[آية:١٣] .

وقدجاءفيحديثعبداللهابنمسعودرضياللهعنه"أنالناسيمرونعلىالصراطعلىقدرأعمالهمحتىيمرالذينورهعلىإبهامقدمه،تخريد،وتعلقيد،وتخررجلوتعلقرجل،وتصيبجوانبهالنار،فيخلصونفإذاخلصوا،قالوا: الحمدللهالذينجانامنك،بعدأنأراناك " .

واختلفالمفسرونفيمعنى( الورود) الواردفيآيةمريم{ وَإِنمِّنكُمْإِلَّاوَارِدُهَا ۚ كَانَعَلَىٰرَبِّكَحَتْمًامَّقْضِيًّا}ولعلالأرجحفيهذاأنالمرادبهالمرورعلىالصراطكماقالتعالى:{ ثُمَّنُنَجِّيالَّذِينَاتَّقَواوَّنَذَرُالظَّالِمِينَفِيهَاجِثِيًّا }،وفيالصحيحأنهصلىاللهعليهوسلمقال: " والذينفسيبيدهلايلجالنارأحدبايعتحتالشجرة"قالتحفصةرضياللهعنهافقلت:يارسولاللهأليساللهيقول{ وَإِنمِّنكُمْإِلَّاوَارِدُهَا ۚ} ؟قال: "ألمتسمعيه قال:{ ثُمَّنُنَجِّيالَّذِينَاتَّقَواوَّنَذَرُالظَّالِمِينَفِيهَاجِثِيًّا } ".

وقدأشارالنبيصلىاللهعليهوسلمإلىأنالورودلايلزممنهالدخولوأنالنجاةمنالشرلايستلزمحصولهبليستلزمكماقالأهلالعلمانعقادأسبابه،فمثلامنطلبهعدوهليهلكوهولميتمكنوامنهيُقالنجاهاللهعزوجل،كذلكحالالورودفيالناريمرونفوقهاعلىالصراطثميُنجياللهعزوجلمنشاءوأذنلهأنينجومنهاويذرالظالمينفيهاجثيا .

 

أيضامنلوازمالإيمانباليومالآخر:

الإيمانبالقنطرة

وهيالموضعبعدالصراطيجعلهاللهسبحانهوتعالىمحلاليقتصالمؤمنونبعضهممنبعضممنعليهبعضالمظالمليدخلواالجنةوقدنُقّواتماماوليسبأحدعلىأحدمطلب؛ففيحديثأبيسعيدالخدريرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال:" يَخلُصالمؤمنونمنالنارفيحبسونعلىقنطرةبينالجنةوالنارفيُقصلبعضهممنبعضمظالمكانتبينهمفيالدنياحتىإذاهُذبواونُقواأُذنلهمفيدخولالجنة،فوالذينفسمحمدبيدهلأحدهمأهدىبمنزلهفيالجنةمنهبمنزلهكانفيالدنيا".

هذهالمسائلالمتعلقةبِمَاسيجريفيعرصاتالقيامةوأرضالمحشر.

 

بعدهاننتقلإلىمسألةالجنةوالناروالإيمانبهمالأنالإيمانبهمامنلوازمالإيمانباليومالآخرونرجئهذاإنشاءاللهإلىاللقاءالقادموباللهالتوفيق.

وصلىاللهعلىنبينامحمد.

أستودعكماللهالذيلاتضيعودائعه.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدرس الثامن

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبيّنا محمد وعلى آله وأصحابه أفضل الصلاة وأتمّ التسليم.

نرحب بالإخوة والأخوات في مطلع اللقاء الثامن من لقاءات مادة العقيدة والمتعلقة بالأصل الخامس والسادس من أصول الإيمان أو من أصول العقيدة؛ إذ لا زال الحديثُ في الإيمان باليوم الآخر.

وتوقفنا في اللقاء السابق على: من لوازم الإيمان باليوم الآخر:

الإيمان بالجنة والنار

وهما النهاية التي سيؤول إليها كل إنسيّ أو جنيّ، سيؤول العباد في النهاية إما إلى الجنّة أو إلى النار.

وهنا مسائل يلزم المسلم أن ينطوي قلبه على الإيمان بها فيما يتعلق بالجنة والنار:

§        المسألة الأولى: أن الجنة والنار حقٌّ: وهذا واضح وبيّن، والقرآن والسنة مليئان بإثبات الجنة والنار وأنهما حقّ، ومن لم يؤمن بالجنة والنار فهو زنديقٌ خارجٌ عن دائرة الإسلام؛ الجنة أعدّها الله عز وجل لأوليائه وأحبابه، والنار أعدها الله عز وجل لأولياء الشيطان وأعداء الرحمن.

§        المسألة الثانية: أن الجنة والنار موجودتان الآن، مخلوقتان مُعدّتان : لا كما يزعم المعتزلة أن الله عز وجل يخلقهما فيما بعد، فقد اتفق أهل السنة والجماعة على أن الجنة والنار مخلوقان موجودتان الآن، ولم يعرف أهل السنة غير هذا الاعتقاد حتى ظهرت ونبغ نابغةٌ من المعتزلة وأنكرت هذا الأمر وزعمت أن الله ينشئهما يوم القيامة ويحدثهما يوم القيامة، لكن الأدلة الصريحة تردّ على هؤلاء؛ فأدلة وجودها كثيرة منها:

قول الله عز وجل عن الجنة: { أُعِدَّتْلِلْمُتَّقِينَ }؛ { أُعِدَّتْ } لم يقل سأُعِدُّها للمتقين؛ { أُعِدَّتْ } فيما مضى.

وقوله: { أُعِدَّتْلِلَّذِينَآمَنُوابِاللَّهِوَرُسُلِهِ ۚ }

وقال عن النار: {أُعِدَّتْلِلْكَافِرِينَ }

وأيضا، فقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم لما عرج به كما في الصحيحين من حديث أنس " ثم انطلق بي جبرائيل حتى أتى سدرة المنتهى، فغشيها ألوان لا أدري ما هي " قال: " ثم دخلت الجنة فإذا هي جنابذُ اللؤلؤِ وإذا ترابها المسك. " هذا دليل على أنها مخلوقة ومُعدّة.

أيضا، ما ثبت في الصحيحين من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما ـن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: " إذا مات أحدكم عُرض عليه مقعده بالغداةِ والعشيّ؛ إن كان من أهل الجنّة فمن أهل الجنّة، وإن كان من أهل النار – نعوذ بالله منها – فمن أهل النار؛ يقال: هذا مقعدك حتى يبعثك الله يوم القيامة "

أيضا، ما ثبت في صحيح مسلم من حديث أنس: " وأيْمُ الذي نفسي بيده، لو رأيتم ما رأيتُ لضحكتم قليلا وبكيتم كثيرا " قالوا: وما رأيت يا رسول الله ؟ قال: " رأيتُ الجنة والنار " وهذا ليلة أن صلى بالناس الكسوف.

ولا شك أن الذين أنكروا وجود الجنة والنار الآن لهم بعض الشبهات:

فمن شبهاتهم أنهم قالوا: أنهما لو كانت مخلوقة الآن لوجب اضطرارا أن تفنى يوم القيامة وأن يهلك  كل من فيها ويموت كما قال تعالى: { كُلُّشَيْءٍهَالِكٌإِلَّاوَجْهَهُ ۚ } فيلزم من هذا أن تهلك الجنّة والنار ومن فيهما.

أيضا من شبههم أنه ورد أن فيها أشياء تنشأ وغراس يُغرس؛ كما في حديث أبي الزبير عن جابر عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: " من قال سبحان وبحمده غُرست له نخلةٌ في الجنة " فزعموا أنها لو كان مخلوقة مفروغًا منها لم تكن قيعان ولم يكن لهذا الغراس معنًى.

أيضا من شبههم أنهم قالوا أن امرأة فرعون أنها قال: { رَبِّابْنِلِيعِندَكَبَيْتًافِيالْجَنَّةِ } والأحاديث التي فيها: من فعل كذا بني له قصرٌ في الجنة، من بنى لله مثل مفحص قطاة بنى الله له بيتًا في الجنة.

والجواب عن هذه الشبه يسير، وهذا مما لبس به الشيطان على هؤلاء، وإلا على وجه الإجمال الآيات والأحاديث التي فيها أن الجنة والنار مخلوقتان الآن كثيرة واضحة محكمة بيِّنة لا تقبل التأويل، فأقل تقدير نقول: هذه النصوص التي أتيتم بها من النصوص المتشابهة، ردّوها إلى المُحكم التي لا تعد ولا تحصى.

ومع ذلك يمكن الإجابة عن كل شبهة أوردوها.

فاحتجاجهم بقول الله عز وجل: { كُلُّشَيْءٍهَالِكٌإِلَّاوَجْهَهُ ۚ } المراد: كل شيء كتب الله عز وجل عليه الفناء والهلاك فإنه سيهلك يوم القيامة. والجنة والنار خلقهما الله عز وجل للبقاء لا للفناء فلا يمكن أن تفنى، كذلك العرش كذلك سقف الجنة، فقوله { كُلُّشَيْءٍهَالِكٌإِلَّاوَجْهَهُ ۚ }أي: مما كتب الله عليه الهلاك.

أما احتجاج بأنه ورد أن فيها أشياء تنشأ وغراسٌ يغرس فيقال لهم: إنكم إن أردم بقولكم أنها الآن معدومة بمنزلة النفخ في الصور وقيام الناس من القبور فهذا باطل، وإن أردتم أنها لم يكمل خلق جميع ما أعده الله فيها لأهلها وأنه لا يزال يُحدث فيها شيئا بعد شيء وإذا أيضا دخلها المؤمنون أحدث الله فيها عند دخولهم أمورًاأخرى فهذا حقٌّ وهذا هو الذي تشهد له الأدلة الي ذكرتم وغير ما ذكرتم، وهذه عقيدتنا وقولنا وهو القول الحقّ؛ أن الله خلقها وأعدها الآن لكن لا زال يُحدث فيها أشياء بعد أشياء ويزيد فيها خلقًا بعد خلق؛ لم يكتمل بناؤها ولم يكتمل خلقُها، ومثل قول امرأة فرعون وغير امرأة فرعون: { رَبِّابْنِلِيعِندَكَبَيْتًافِيالْجَنَّةِ } فلا إشكال في إحداث أشياء لم يكن الله عز وجلّ خلقها فيها، كذلك غِراسها؛ سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر.

§        المسألة الثالثة المتعلقة بالجنّة والنار: أنهما باقيتان لا تفنيان ولا تبيدان:وهذا قول جمهور أهل السنة والجماعة، وهو الذي تشهد له الأدلة كما سيأتي، لكن نبغ نابغةٌ أيضا فقالوا بفناء الجنة والنار وهو الجهم بن صفوان إمام المعطّلة، وهو في قوله هذا بدعٌ من القول فلم يُسبق إليه قطّ؛ لا من الصحابة ولا من التابعين ولا من أحد من أئمة المسلمين، بل أنكره عليه عامة أهل السنّة وكفَّروه به؛ بهذا القول وصاحوا به وبمن تبعه على قوله في أصقاع الأرض.

أيضاً ذهب أبو الهذيل العلاف وهو من أئمة المعتزلة ووافقه على هذا الأصل، لكنه قال أن الفناء ؛ المقصود بفناء الجنة والنار أن تفنى الحركات؛فتفنى حركات أهل الجنة وتفنى حركات أهل النار حتى يكونوا في سكون دائم لا يستطيع أحد منهم على حركة.

ولكن الأدلة على أبدية الجنة والنار صريحة ترد على هؤلاء وتفند قولهم وهو مما يُعلم بالضرورة من دين الرسول صلى الله عليه وسلم ، كما قال الله سبحانه :{ وَأَمَّاالَّذِينَسُعِدُوافَفِيالْجَنَّةِخَالِدِينَفِيهَامَادَامَتِالسَّمَاوَاتُوَالْأَرْضُإِلَّامَاشَاءَرَبُّكَ ۖ عَطَاءًغَيْرَمَجْذُوذٍ} أي: غير مقطوع ، وأيضا ورود آيات كثيرة { خَالِدِينَفِيهَاأَبَدًا}

أيضا ما ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم من قوله : " مَنْيَدْخُلُالْجَنَّةَيَنْعَمُلايَبْأَسُلاتَبْلَىثِيَابُهُوَلايَفْنَىشَبَابُهُ"

وأيضا حديث : "يُؤْتَىبالموتِكَبْشًاأَغَرَّفَيوقَفُبينالجَنَّةِوالنارِ،فيُقالُ،ياأهلَالجنَّةِ،فَيَشْرَئِبُّونَوَيَنْظُرونَ،ويقال : ياأهلَالنارِ،فَيَشْرَئِبُّونَوَيَنْظُرونَ،وَيَرَوْنَأَنْقدجاءالفَرَجُ،فَيُذْبَحُ،ويقالُ : خُلودٌفلامَوْتَ " معناه ينتهي الموت؛ خلاص ليس هناك فناء.

وأما في النار فالله عز وجل قال :{ وَلَهُمْعَذَابٌمُّقِيمٌ}،{لَايُفَتَّرُعَنْهُمْوَهُمْفِيهِمُبْلِسُونَ}،{وَمَاهُممِّنْهَابِمُخْرَجِينَ}،فالآيات صريحة في دوام الجنة والنار.

 

§        ومن لوازم الإيمان بالجنة والنار أيضا: الإيمان بالصفات التي وردت في الجنة والنار سواء في الكتاب أو السنة،والصفات التي وردت فيهما كثيرة كقول الله سبحانه وتعالى : {يَاأَيُّهَاالَّذِينَآمَنُواقُواأَنفُسَكُمْوَأَهْلِيكُمْنَارًاوَقُودُهَاالنَّاسُوَالْحِجَارَةُعَلَيْهَامَلَائِكَةٌغِلَاظٌشِدَادٌلَّايَعْصُونَاللهمَاأَمَرَهُمْوَيَفْعَلُونَمَايُؤْمَرُونَ}،{سَأُصْلِيهِسَقَرَ (26) وَمَاأَدْرَاكَمَاسَقَرُ (27) لَاتُبْقِيوَلَاتَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌلِّلْبَشَرِ (29) عَلَيْهَاتِسْعَةَعَشَرَ} ، {يَوْمَنَقُولُلِجَهَنَّمَهَلِامْتَلَأْتِوَتَقُولُهَلْمِنمَّزِيدٍ} وهذا يدل على أنها واسعة بعيدٌ قاعها مترامية الأطراف.

وجاء في الحديث " لَاتَزَالُجَهَنَّمُيُلْقَىفِيهَا،وَتَقُولُ: هَلْمِنْمَزِيدٍ؟حَتَّىيُدْلِيَفِيهَارَبُّالْعَالَمِينَقَدَمَهُ،فَيَنْزَوِيبَعْضُهَاإِلَىبَعْضٍ،وَتَقُولُ: قَطْ،قَطْ،بِعِزَّتِكَ،وَمَايَزَالُفِيالْجَنَّةِفَضْلٌحَتَّىيُنْشِئَاللهلَهَاخَلْقًا،فَيُسْكِنَهُفِيفُضُولِالْجَنَّةِ ".

أيضا ثبت أن النار دركات وليست منزلة واحدة كما قال الله سبحانه وتعالى :{ إِنَّالْمُنَافِقِينَفِيالدَّرْكِالْأَسْفَلِمِنَالنَّارِوَلَنتَجِدَلَهُمْنَصِيرًا}

وثبت أن أبواب النار سبعة كما قال الله سبحانه:{ وَإِنَّجَهَنَّمَلَمَوْعِدُهُمْأَجْمَعِينَ (43) لَهَاسَبْعَةُأَبْوَابٍلِّكُلِّبَابٍمِّنْهُمْجُزْءٌمَّقْسُومٌ}.

وثبت أيضا أن وقودها وحطبها الناس والحجارة كما تقدم .

أيضا ثبت شدة حرّها وعِظم دخانها وشرارها قال تعالى :{ وَأَصْحَابُالشِّمَالِمَاأَصْحَابُالشِّمَالِ (41) فِيسَمُومٍوَحَمِيمٍ (42) وَظِلٍّمِّنيَحْمُومٍ (43) لَّابَارِدٍوَلَاكَرِيمٍ}، {إِنَّهَاتَرْمِيبِشَرَرٍكَالْقَصْرِ (32) كَأَنَّهُجِمَالَتٌصُفْرٌ}.

أيضا ورد أن طعام أهلها الزقوم والضريع وشرابهم الحميم والغسلين والغساق {لَّيْسَلَهُمْطَعَامٌإِلَّامِنضَرِيعٍ (6) لَّايُسْمِنُوَلَايُغْنِيمِنجُوعٍ}،

{إِنَّشَجَرَتَالزَّقُّومِ (43) طَعَامُالْأَثِيمِ (44) كَالْمُهْلِيَغْلِيفِيالْبُطُونِ (45) كَغَلْيِالْحَمِيمِ}.

أيضا ثبت أن لباس أهلها حُلل من نار نسأل الله السلامة ، {فَالَّذِينَكَفَرُواقُطِّعَتْلَهُمْثِيَابٌمِّننَّارٍيُصَبُّمِنفَوْقِرُءُوسِهِمُالْحَمِيمُ}.

 

كذلك من لوازم الإيمان باليوم الآخر:

 الإيمان بما أعده الله عز وجل في الجنة.

 وقد ثبت في الصحيحين في الحديث القدسي (يَقُولُاللهتَعَالَى : أَعْدَدْتُلِعِبَادِيالصَّالِحِينَمَالَاعَيْنٌرَأَتْوَلَاأُذُنٌسَمِعَتْوَلَاخَطَرَعَلَىقَلْبِبَشَرٍذُخْرًابَلْهَمَاأُطْلِعْتُمْعَلَيْهِ) ،ثُمَّقَرَأَ عليه الصلاة والسلام{فَلَاتَعْلَمُنَفْسٌمَاأُخْفِيَلَهُمْمِنْقُرَّةِأَعْيُنٍجَزَاءًبِمَاكَانُوايَعْمَلُونَ} .

وورد صفات دخول الجنة كما في آخر آية الزمر {وَسِيقَالَّذِينَاتَّقَوْارَبَّهُمْإِلَىالْجَنَّةِزُمَرًا ۖ حَتَّىٰإِذَاجَاءُوهَاوَفُتِحَتْأَبْوَابُهَاوَقَالَلَهُمْخَزَنَتُهَاسَلَامٌعَلَيْكُمْطِبْتُمْفَادْخُلُوهَاخَالِدِينَ (73) }.

أيضا ثبت أن أول من يدخل الجنة النبي صلى الله عليه وسلم فهو أول من يُستفتح فيُفتح له .

أيضا ثبت أن أول زمرة تلج الجنة صورتهم على صورة القمر ليلة البدر.

وثبت أيضا أن هناك من يدخل الجنة بغير حساب ولا عذاب.

وثبت أيضا أن فقراء المهاجرين يسبقون الأغنياء يوم القيامة بأربعين خريفا كما ثبت في صحيح مسلم من حديث عبدالله بن عمرو.

أيضا ثبت أن هناك من عصاة الموحدين من يخرجون من النار ويدخلون الجنة بالشفاعة .

وأيضا ثبت صفة آخر من يدخل الجنة.

وأيضا ثبت أن للجنة أبواب وأن منها باب الريان الذي يدخل منه الصائمون .

وأيضا ثبت أن الجنة درجات كما أن النار دركات فالجنة درجات ،{وَمَنيَأْتِهِمُؤْمِنًاقَدْعَمِلَالصَّالِحَاتِفَأُولَٰئِكَلَهُمُالدَّرَجَاتُالْعُلَىٰ}،وثبت في الصحيحين من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : "إِنَّأَهْلَالْجَنَّةِيَتَرَاءَوْنَأَهْلَالْغُرَفِمِنْفَوْقِهِمْكَمَايَتَرَاءَوْنَالْكَوْكَبَالدُّرِّيَّالْغَابِرَفِيالْأُفُقِ".

وورد غير ذلك من صفات الجنة ،فيلزم الإيمان بالجنة وما ورد فيها من الصفات في الكتاب والسنة وأيضا الإيمان بالنار وما ورد من صفاتها في الكتاب والسنة ،والتصديق بذلك تصديق جازم،وأما حقيقة ذلك وكيفيته فهذا مما استأثر الله عز وجل بعلمه ولا يمكن للعقول أن تدركه كما أسلفنا في الحديث القدسي (أَعْدَدْتُلِعِبَادِيالصَّالِحِينَمَالَاعَيْنٌرَأَتْوَلَاأُذُنٌسَمِعَتْوَلَاخَطَرَعَلَىقَلْبِبَشَرٍ) ، فمهما تصور الإنسان في نفسه وفِي عقله حقيقة الجنة وحقيقة النار لن يدرك ولو جزءا يسيرا من الحقيقة كما هي لأن هذا من علم الله عز وجل ومما استأثر به سبحانه وتعالى .

وإلى هنا نأتي إلى ختام هذه المحاضرة وإلى اللقاء إن شاءالله في المحاضرات القادمة وبالله التوفيق وصلى الله وسلم على نبينا محمد .

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدرس التّاسع

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم .

اللهم علمنا ماينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت السميع العليم .

نرحب بالإخوة والأخوات في مطلع اللقاء التاسع من محاضرات مادة التوحيد المتعلقة باليوم الآخر. أهلاً وسهلاً ومرحباً بالجميع .

ذكرنا في اللقاء السابق أن من لوازم الإيمان باليوم الآخر الإيمان بالجنة والنار وهما المقر الأخير للعباد ، فالناس مآلهم في النهاية ، يمرون بمراحل منذ أن كانوا نطفاً في أرحام أمهاتهم بل قبل ذلك في أصلاب آبائهم ثم انتقلوا إلى أرحام أمهاتهم ثم خرجوا إلى الدنيا ثم انتقلوا إلى حياة البرزخ وهي ما بين الموت إلى قيام الساعة ثم قاموا في يوم القيامة ثم ينتهي بهم المطاف إلى المقر الأخير إلى الجنة أو إلى النار .

§       وقد ورد في صفات الجنة وأسمائها نصوص كثيرة. ومن لوازم الإيمان باليوم الآخر الإيمان بذلك فلو كذب الإنسان بشيء مما ورد في صفات الجنة وما يتعلق بها لكان إيمانه مُختلاً بهذا الأصل الذي هو الأصل الخامس من أصول الإيمان .

§       ومن لوازم الإيمان بذلك الإيمان بأن الله عز وجل جعل للجنة أسماء ، جعل لها أسماء متعددة ، فهي واحدة في ذاتها لكنها متعددة في صفاتها ، ومن أشهر أسمائها الجنة كما قال سبحانه : {تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ ۚ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ۚ وَذَٰلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ}

ومن الأسماء جنات الفردوس : {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنَّاتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلًا}

أيضاً جنات عدن كما قال سبحانه : {هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ لَحُسْنَ مَآبٍ . جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ }

أيضاً جنة الخلد كما قال سبحانه : {قُلْ أَذَٰلِكَ خَيْرٌ أَمْ جَنَّةُ الْخُلْدِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ ۚ كَانَتْ لَهُمْ جَزَاءً وَمَصِيرًا}

أيضاً جنات النعيم كما قال سبحانه : { إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَهُمْ جَنَّاتُ النَّعِيمِ }

وأيضاً جنات المأوى كما قال سبحانه : {أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا ۚ لَّا يَسْتَوُونَ . أَمَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ فَلَهُمْ جَنَّاتُ الْمَأْوَىٰ نُزُلًا بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ }

أيضاً جاء من أسمائها دار السلام كما قال تعالى :{ لَهُمْ دَارُ السَّلَامِ عِندَ رَبِّهِمْ ۖ وَهُوَ وَلِيُّهُم بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}

ما ذكرناه بعضها قد يكون أسماء لجنات كما ذكرنا سابقاً أن الجنة درجات فالفردوس درجة وجنة عدن درجة كما جاء في بعض النصوص وبعض ما ذكرناه هو عبارة عن أسماء وأوصاف لهذه الجنات .

 

هل مكان الجنة معلوم ؟

نعم ، جاء الإشارة إليه في قوله سبحانه : {وَلَقَدْ رَآهُ نَزْلَةً أُخْرَىٰ . عِندَ سِدْرَةِ الْمُنتَهَىٰ . عِندَهَا جَنَّةُ الْمَأْوَىٰ }

وجاء في الحديث الصحيح الذي أخرجه الإمام البخاري من حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال : " من آمن بالله ورسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقاً على الله أن يدخله الجنة هاجر في سبيل الله أو جلس في أرضه التي ولد فيها قالوا : يا رسول الله أفلا ننبئ الناس بذلك ؟ قال : إن في الجنة مائة درجة أعدها الله للمجاهدين في سبيله كل درجتين ما بينهما كما بين السماء والأرض فإذا سألتم الله فسلوه الفردوس فإنه أوسط الجنة وأعلى الجنة وفوقه عرش الرحمن ومنه تفجر أنهار الجنة ". هذا دليل على أن الجنة درجات

وأيضاً ثبت عند الحاكم وابن حبان وغيرهما عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " إن المؤمن إذا حضره الموت حضرته ملائكة الرحمة فإذا قبضت نفسه جُعلت في حريرة بيضاء فانطلقوا بها إلى ذات السماء فيقولون ما وجدنا ريحاً أطيب من هذه " .

§       أيضاً من لوازم الإيمان بالجنة الذي هو من لوازم الإيمان باليوم الآخر ، الإيمان بما ثبت من أسماء أبواب الجنة، فعن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث المتفق عليه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " من أنفق زوجين في سبيل الله نُوديَ من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير ، فمن كان من أهل الصلاة دُعيَ من باب الصلاة ، ومن كان من أهل الجهاد دُعيَ من باب الجهاد ، ومن كان من أهل الصيام دُعيَ من باب الريان ، ومن كان من أهل الصدقة دُعيَ من باب الصدقة ، فقال أبوبكر رضي الله عنه : بأبي أنت وأمي يارسول الله ما على من دُعيَ من تلك الأبواب من ضرورة فهل يُدعى أحد من تلك الأبواب كلها ، قال : نعم ، وارجو أن تكون منهم" .

إذن في هذا الحديث ثبت أن لأبواب الجنة أسماء ومنها باب الريان الذي يُدعى منه أهل الصيام .

§       أيضاً من لوازم الإيمان بالجنة الإيمان بسعة أبواب الجنةكما ثبت في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال : أُتي رسول الله – صلى الله عليه وسلم – يوماً بلحم ثم ذكر في آخر الحديث قوله : والذي نفس محمد بيده إن ما بين المصراعين من مصاريع الجنة لكما بين مكة وهجر أو كما بين مكة وبُصرى " شو المقصود بالمصراعين ؟ أي : طرفي الباب ، ما بين مكة وهجر ، هجر المقصود بها الأحساء ، أو ما بين مكة وبُصرى ، وبُصرى في أرض الشام ، هذا دليل صريح على أن أبواب الجنة متسعة جداً .

وأيضاً جاء في أثر عتبة بن غزوان رضي الله عنه قال :ذُكر لنا أن ما بين مصراعين من مصاريع الجنة مسيرة أربعين سنة وليأتين عليها يوم وهو كظيم من الزحام " أخرجه مسلم وهذا من فضل الله سبحانه وتعالى على عباده .

§       أيضاً من لوازم الإيمان بالجنة الإيمان بعدد أبوابها فقد وردت الإشارة إلى ذلك في الكتاب والسنة ، فجاء في القرآن أن لها أبواب ولم تحدد تلك الأبواب في القرآن لكن جاء تحديدها في صحيح السنة فقد قال الله سبحانه وتعالى : {هَٰذَا ذِكْرٌ ۚ وَإِنَّ لِلْمُتَّقِينَ }إيش؟{ لَحُسْنَ مَآبٍ . جَنَّاتِ عَدْنٍ مُّفَتَّحَةً لَّهُمُ الْأَبْوَابُ }  ليس باب واحد ، أبواب والأبواب جمع باب .

أيضاً يقول الله سبحانه وتعالى : {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا ۖ حَتَّىٰ إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ}

هنا وفتحت أبوابها ما قال وفتح بابها لو كان لها باب واحد لقال: وفتح بابها، لكن لما قال: وفتحت أبوابها دل على أن لها أبوابًا متعددة، ماعدد هذه الأبواب ؟ إذن ثبت للجنة أبواب وليس باب واحد، عددها جاء في صحيح السنة ففي الحديث المتفق عليه عن سهل بن سعد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " في الجنة ثمانية أبواب فيها باب يسمى الريان لا يدخله إلا الصائمون ".

أيضاً ثبت في صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم  قال:" تفتح أبواب الجنة يوم الإثنين ويوم الخميس فينظر لكل عبد لا يشرك بالله شيئاً إلا رجل كانت بينه وبين أخيه شحناء فيقول انظروا هذين حتى يصطلحا ثلاثاً " .هذا دليل على أن أبواب الجنة تفتح في بعض أيام الأسبوع.

أيضاً جاء في الحديث المتفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " إذا دخل رمضان فتحت أبواب الجنة وغلقت أبواب جهنم وسلسلت الشياطين" . فنأخذ من هذه الأدلة أن أبواب الجنة تفتح وتغلق.

أيضاً ثبت في الحديث الذي أخرجه مسلم من حديث عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال : " ما منكم من أحد يتوضأ فيُبلغُ أو فيسبغ الوضوء فيقول أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد عبده ورسوله إلا فتحت له أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء " .

§        أيضامنلوازمالإيمانبالجنة:الإيمانبأنأولمنيدخلالجنةوتفتحلهأبوابهاالنبيصلىاللهعليهوسلموذلكلماثبتفيصحيحمسلممنحديثأنسرضياللهعنهقال: قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم "آتيبابالجنةيومالقيامةفأستفتحفيقولالخازن:منأنت؟فأقولمحمد ..فيقولبكأُمرتلاافتحلأحدقبلك " ،فمنلوازمالايمانباليومالآخرالإيمانبالجنةوالإيمانبأنأولمنيدخلهاالنبيصلىاللهعليهوسلمكماثبتفيهذاالحديثالصحيحالصريح.

§        أيضاًمنلوازمالايمانبالجنةالإيمانبأناولمنيدخلالجنةمنالأممأمتهعليهالصلاةوالسلامكماثبتذلكفيالصحيحينمنحديثأبيهريرةرضياللهعنهقال: قالرسولاللهصلىاللهعليهوسلم: "نحنالآخرونوالأولونيومالقيامةونحنأولمنيدخلالجنة " ،مامعنىنحنالآخرونوالأولون؟آخِرُون:آخرالأمم،النبيصلىاللهعليهوسلمخُتمتبرسالتهسائرالرسالات،فصارهوخاتمالأنبياءوأمتهآخرالأمم،لكنمعذلكأكرماللهعزوجلهذهالأمةبأنكانواأولمنيدخلالجنةوأنكانواآخرالأممخروجا .

§        أيضامنلوازمالإيمانبالجنة:الإيمانبصفةأوصفاتمنيدخلالجنةوأنأولزمرةيدخلونها لهمصفاتخاصةيتميزونبهاعنغيرهم:فثبتفيالصحيحينفيحديثأبيهريرةرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال " إنأولزمرةيدخلونالجنةعلىصورةالقمرليلةالبدرثمالذينيلونهمعلىأشدكوكبدريفيالسماءإضاءةلايبولونولايتغوطونولايتفلونولايمتخطون،أمشاطهمالذهبورشحهمالمسك،ومجامرهمالأَلُوَّة،وأزواجهمالحورالعينعلىخلقرجلواحدعلىصورةأبيهمآدمستونذراعافيالسماء ".

أيضاثبتفيالحديثالمتفقعليهمنحديثسعدبنسعدرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال:"يدخلالجنةمنأمتيسبعونألفااوسبعمائةألفمتناسقون،آخذٌبعضهمبعضا،لايدخلأولهمحتىيدخلآخرهم،وجوههمعلىصورةالقمرليلةالبدر. "

أيضاثبتفيصحيحمسلممنحديثعبداللهبنعمرورضياللهعنهماأنالنبيصلىاللهعليهوسلميقول:" إنالفقراءالمهاجرينيسبقونالأغنياءيومالقيامةإلىالجنةبأربعينخريفا ".

§        أيضامماثبتممالهعلاقةبالإيمانبالجنة:الحديثالذىأخرجهالإمامأحمدوالترمذيبسندصحيحعنمعاذبنجبلرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمذكرأنأهلالجنةيدخلونوأعمارهمأبناءثلاثيناوثلاثوثلاثينسنة .

§        أيضامنالصفاتالتيوردتلأهلالجنةأنوجوههمتعرففيهانضرةالنعيمكماقالتعالى: { إِنَّالْأَبْرَارَلَفِينَعِيمٍ* عَلَىالْأَرَائِكِيَنظُرُونَ * تَعْرِفُفِيوُجُوهِهِمْنَضْرَةَالنَّعِيمِ } { وُجُوهٌيَوْمَئِذٍنَّاضِرَةٌ }مامعنىناضرة؟حسنةجميلة{إِلَىٰرَبِّهَانَاظِرَةٌ }أيمبصرة.

أيضا{ وُجُوهٌيَوْمَئِذٍنَّاعِمَةٌ * لِّسَعْيِهَارَاضِيَةٌ * فِيجَنَّةٍعَالِيَةٍ }إلىغيرذلك.

وكماأيضافيماتقدمفيحديثأبوهريرةرضياللهعنهأولزمرةتدخلالجنةكماصورةالقمرليلةالبدر.

§        أيضاثبتأنهناكمنأمةالنبيصلىاللهعليهوسلممنيدخلالجنةبغيرحسابولاعذابكماثبتعنابنعباسرضياللهعنهما،قالالنبيصلىاللهعليهوسلم:" عرضتعلىالأممفأجدالنبييمرومعهالأمةوالنبييمرمعهالنفروالنبييمرمعهالعشرةوالنبييمرمعهالخمسةوالنبييمروحده،فنظرتفإذاسوادكثيرقلت:ياجبريلهؤلاءأمتي ؟" يعنييسألجبريلأهؤلاءأمتي؟قال:لا،ولكنانظرإلىالأفق. فنظرتفإذاسوادكثير،قال:هؤلاءأمتكوهؤلاءسبعونألفاقدامهملاحسابعليهمولاعذاب،قلت:" ولم؟ "قالكانوالايكتوونولايسترقونولايتطيرونوعلىربهميتوكلون.الحديثمتفقعليه. بمعنىأنهؤلاءالذيناستثناهماللهعزوجللأنهميدخلونالجنةدونأنيجريعليهممايجريعلىسائرالعبادمنالحسابأويجريعلىبعضهممنالعذابلقوةتوكلهمعلىاللهعزوجل.

§        أيضاجاءفيحديثأبيأمامةرضياللهعنهقال:سمعتالرسولصلاللهعليهوسلميقول : "وعدنيربيسبحانهأنيدخلالجنةمنأمتىسبعينألفلاحسابعليهمولاعذابمعكلألفسبعونألفوثلاثحثياتمنحثياتربيعزوجل"الحديثأخرجهالترمذيوابنماجه.

§        أيضاجاءفيصفاتالجنةمايتعلقبأرضهاوبنائهاولبنها؛فثبتفيالصحيحينمنحديثأنسرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلملماعرجبهإلىالسماءقال" ثمأنطلقحتىأتيبسدرةالمنتهىفغشيهاألوانلا أدريماهي،ثمأدخلتالجنة- فهذاهوالشاهد -فإذافيهاجنابداللؤلؤوإذاترابهاالمسك "

أيضاماثبتعندالترمذيوالدارميمنحديثأبوهريرةرضياللهعنهقال : قلنا:يارسولالله،الجنةُمابنائها؟ . الصحابةيسألونالنبيصلىاللهعليهوسلمعننوعبناءالجنة. ما المادةالتيبنيتبهاالجنةقصورالجنةبيوتهامنازلها. قال : " لبنةمنفضةولبنةمنذهبوملاطهاالمسكالأذفر،حصباؤهااللؤلؤوالياقوتوتربتهاالزعفرانمندخلهاينعمولايبأسويخلدولايموتلاتبلىثيابهاولايفنىشبابها".

أيضاثبتأنلهمقصوروخيامكماجاءفيحديثعبداللهبنقيسرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: " إنللمؤمنفيالجنةلخيمةمنلؤلؤةواحدةمجوفةطولهاستونميلاللمؤمنينفيهاأهلون "إلىأخرالحديث .

أيضاقالاللهسبحانه{حورمقصوراتفيالخيام } .

أيضاثبتأنفيالجنةسوقاكماجاءفيحديثأنسعندالإماممسلمأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال : "إنفيالجنةلسوقيأتونهاكلجمعةفتهبريحالشمالفتحثوفيوجوههموثيابهمفيزدادونحسناوجمالاويرجعونإلىأهليهموقدازدادواحسناوجمالا"إلىأخرالحديث.

أيضاكماثبتأنفيالجنةخيامأيضافيهاقصورفمساكنهاالخياموالقصوركماقالاللهسبحانهوتعالى{وَعَدَاللَّهُالْمُؤْمِنِينَوَالْمُؤْمِنَاتِجَنَّاتٍتَجْرِيمِنتَحْتِهَاالْأَنْهَارُخَالِدِينَفِيهَاوَمَسَاكِنَطَيِّبَةًفِيجَنَّاتِعَدْنٍ ۚ وَرِضْوَانٌمِّنَاللَّهِأَكْبَرُ ۚ ذَٰلِكَهُوَالْفَوْزُالْعَظِيمُ }.

أيضاجاءفيحديثأبيسعيدالخدريرضياللهعنهفيالحديثالمتفقعليه:أنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال : " إنأهلالجنةليترائونأهلالغرفمنفوقهمكماتتراءونالكوكبالدريالغابرمنالأفقمنالمشرقأوالمغربلتفاضلمابينهم "قالوا:يارسولالله،تلكمنازلالأنبياءلايبلغهاغيرهم؟قال: " بلى،والذينفسيبيدهرجالآمنواباللهوصدقواالمرسلين"

 

أيضاجاءفيصفاتهافرشأهلهاومفارشهموأرائكهاوسررهموأوانيهموحليهمولباسهم،وجاءأنأولالخلائقيكسونيومالقيامةإبراهيمالخليلكماثبتفيصحيحالبخاري.

 

أيضاثبتأنلهمخدم؛جاءفي صفاتهاأيضا؛ثبتأنهميأكلونوجاءشيءمنصفاتطعامهمفيالكتابوالسنة.

 

وأيضاثبتصفاتأوانيهموصفاتشرابهموثمارالجنةالىغيرذلك.

أيضاأنهارالجنةوعيونالجنةكلهذاثبتفيالكتابوالسنة. 

 

فمنلوازمالإيمانباليومالأخرأنيؤمنالمؤمنبكلماوردوثبتمنتلكالصفاتسواءكانذلكفيالكتابوالسنةأوثبتفيالسنةوحدها،ومنكذببشيءمنذلكفإنإيمانهباليومالآخرفيهخلل. 

وأيضاثبتأنأهلالجنةمتفاوتونفيالمنزلةوالمكانةفهمدرجاتفكلعلىقدرعملهومنزلته.

أيضاكماسبقذكرهأناللهعزوجلميزهذهالأمةفهمأولمنيدخلالجنةوأكثرمنيدخلالجنةمنالأمم .

 

فيمقابلذلكأيضايلزممن الإيمانباليومالآخر:

أنيؤمنالأنسانأيضابوجودالناروبصفاتهاالتيثبتتفيالكتابوالسنةأعاذنااللهعزوجلمنحرهاوعذابها.

§        فمنالأسماءالواردةفيالناروالصفاتتسميتهابالناروهذاكثيرفيالكتابوالسنة{ وَمَنيَعْصِاللَّهَوَرَسُولَهُوَيَتَعَدَّحُدُودَهُيُدْخِلْهُنَارًاخَالِدًافِيهَاوَلَهُعَذَابٌمُّهِينٌ }

§        أيضامنأسمائها:جهنمكماقالاللهسبحانه{إِنَّاللَّهَجَامِعُالْمُنَافِقِينَوَالْكَافِرِينَفِيجَهَنَّمَجَمِيعًا}

§        أيضامنأسمائهاوأوصافهاالجحيم{ وَالَّذِينَكَفَرُواوَكَذَّبُوابِآيَاتِنَاأُولَٰئِكَأَصْحَابُالْجَحِيمِ}

§        أيضامنالأسماءالسعير{ إِنَّاللَّهَلَعَنَالْكَافِرِينَوَأَعَدَّلَهُمْسَعِيرًا }

§        أيضامنالأسماءسقركماقالسبحانه{ يَوْمَيُسْحَبُونَفِيالنَّارِعَلَىٰوُجُوهِهِمْذُوقُوامَسَّسَقَرَ }

§        أيضاتسمىبالحطمةكماقالتعالى{ كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّفِيالْحُطَمَةِ * وَمَاأَدْرَاكَمَاالْحُطَمَةُ * نَارُاللَّهِالْمُوقَدَةُ }يعنيتسمىأوتوصفبذلك.

§        أيضالظىكماقالسبحانه{ كَلَّا ۖ إِنَّهَالَظَىٰ * نَزَّاعَةًلِّلشَّوَىٰ * تَدْعُومَنْأَدْبَرَوَتَوَلَّىٰ }

§        أيضاتوصفأوتسمىبدارالبواركماقالسبحانه{ ۞ أَلَمْتَرَإِلَىالَّذِينَبَدَّلُوانِعْمَتَاللَّهِكُفْرًاوَأَحَلُّواقَوْمَهُمْدَارَالْبَوَارِ *جَهَنَّمَيَصْلَوْنَهَا ۖ وَبِئْسَالْقَرَارُ }وقديكونهذااسموقديكونوصف.

أيضامنلوازمالأيمانباليومالأخر:

الإيمانبأنمنأهلالنارمنسيخلدونفيها

فالكفاروالمشركونوالمنافقونمخلدونفيالنار،خلافا لمذهبالجهمبنصفوانوأبيهذيلالعلافالذينزعمواأنالنارتفنىويفنىأهلها. أماعصاةالموحدينفإنهمتحتمشيئةاللهعزوجلإنشاءغفرلهممنأولوهلةوإنشاءعذبهمفيالناربقدرذنوبهمثمأخرجهممنها،كماثبتهذافيصحيحالقرآنوالسنة؛يقولاللهعزوجل{وَعَدَاللَّهُالْمُنَافِقِينَوَالْمُنَافِقَاتِوَالْكُفَّارَنَارَجَهَنَّمَخَالِدِينَفِيهَا ۚ هِيَحَسْبُهُمْ ۚ وَلَعَنَهُمُاللَّهُ ۖ وَلَهُمْعَذَابٌمُّقِيمٌ } وقال:{ إِنَّاللَّهَلَايَغْفِرُأَنيُشْرَكَبِهِوَيَغْفِرُمَادُونَذَٰلِكَلِمَنيَشَاءُ ۚ وَمَنيُشْرِكْبِاللَّهِفَقَدِافْتَرَىٰإِثْمًاعَظِيمًا }

أيضامنلوازمالإيمانبالنارالإيمانبصفةأهلهافقدجاءأنوجوهأهلالنارمسودةوعليهاغبرةترهقهاقترةكماقالاللهسبحانه{ وَيَوْمَالْقِيَامَةِتَرَىالَّذِينَكَذَبُواعَلَىاللَّهِوُجُوهُهُممُّسْوَدَّةٌ ۚ أَلَيْسَفِيجَهَنَّمَمَثْوًىلِّلْمُتَكَبِّرِينَ }وقالسبحانه: { وَوُجُوهٌيَوْمَئِذٍعَلَيْهَاغَبَرَةٌ *تَرْهَقُهَاقَتَرَةٌ * أُولَٰئِكَهُمُالْكَفَرَةُالْفَجَرَةُ }{ وَوُجُوهٌيَوْمَئِذٍبَاسِرَةٌ * تَظُنُّأَنيُفْعَلَبِهَافَاقِرَةٌ }{ وُجُوهٌيَوْمَئِذٍخَاشِعَةٌ* عَامِلَةٌنَّاصِبَةٌ * تَصْلَىٰنَارًاحَامِيَةً } { تَلْفَحُوُجُوهَهُمُالنَّارُوَهُمْفِيهَاكَالِحُونَ }

وأيضاكماثبتأنللجنةأبواباكذلكثبتأنللنارأبوابا،كماقالسبحانه: { وَإِنَّجَهَنَّمَلَمَوْعِدُهُمْأَجْمَعِينَ * لَهَاسَبْعَةُأَبْوَابٍلِّكُلِّبَابٍمِّنْهُمْجُزْءٌمَّقْسُومٌ }

أيضاثبتأنالنارتغلقأبوابهاعلىأهلهاكماقالسبحانه: {كَلَّا ۖ لَيُنبَذَنَّفِيالْحُطَمَةِ * وَمَاأَدْرَاكَمَاالْحُطَمَةُ * نَارُاللَّهِالْمُوقَدَةُ * الَّتِيتَطَّلِعُعَلَىالْأَفْئِدَةِ * إِنَّهَاعَلَيْهِممُّؤْصَدَةٌ * فِيعَمَدٍمُّمَدَّدَةٍ }

أيضاثبتأنالناريؤتىبهاإلىعرصاتالقيامة- نسألاللهالسلامة -؛قالتعالى:{ وَبُرِّزَتِالْجَحِيمُلِلْغَاوِينَ}وقالسبحانه{ كَلَّاإِذَادُكَّتِالْأَرْضُدَكًّادَكًّا * وَجَاءَرَبُّكَوَالْمَلَكُصَفًّاصَفًّا * وَجِيءَيَوْمَئِذٍبِجَهَنَّمَ ۚ يَوْمَئِذٍيَتَذَكَّرُالْإِنسَانُوَأَنَّىٰلَهُالذِّكْرَىٰ }

وثبتفيصحيحمسلممنحديثعبداللهبنمسعودرضياللهعنهقال:قالالنبياللهصلىاللهعليهوسلم: " يؤتىبجهنميومئذلهاسبعونألفزماممعكلزمامسبعونألفملكيجرونها ".

أيضاثبتفيأحاديثأنقعرهابعيد،وثبتأيضاصفاتأهلهامنالشناعةوالقبحوالسوءبسببعذابهمفيالنار.

أيضاثبتفيالحديثالمتفقعليهمنحديثأبيهريرةرضياللهعنهأنالنبيصلىاللهعليهوسلمقال: " ناركمهذهالذييوقدابنأدمجزءمنسبعينجزءًامنحرِّجهنم "قالوا:واللهوإنكانتلكافيةيارسولالله. قال: "فإنهافضلتعليهابتسعةوستينجزءاكلهامثلحرها ".

أيضاثبتفيالصحيحينمنحديثأبيهريرةرضياللهعنهقال:قالالنبيصلىاللهعليهوسلم: "اشتكتالنارإلىربهاقالت:ربأكلبعضيبعضا.فأذنلهابنفسيننفسفيالشتاءونفسفيالصيف،فأشدماتجدونمنالحروأشدماتجدونمنالزمهرير"

أيضاثبتأنوقودهاالناسوالحجارةكماقالسبحانه: اأَيُّهَاالَّذِينَآمَنُواقُواأَنفُسَكُمْوَأَهْلِيكُمْنَارًاوَقُودُهَاالنَّاسُوَالْحِجَارَةُعَلَيْهَامَلَائِكَةٌغِلَاظٌشِدَادٌلَّايَعْصُونَاللَّهَمَاأَمَرَهُمْوَيَفْعَلُونَمَايُؤْمَرُونَ }

إذنحطبهاومادةاحتراقهاالناسوالحجارة{إِنَّكُمْوَمَاتَعْبُدُونَمِندُونِاللَّهِحَصَبُجَهَنَّمَأَنتُمْلَهَاوَارِدُونَ}

أيضاثبتأنالناردركاتكماأنالجنةدرجات،فبعضهاأسفلمنبعضوالمنافقونفيالدركالأسفلمنالناركماقالسبحانه{ إِنَّالْمُنَافِقِينَفِيالدَّرْكِالْأَسْفَلِمِنَالنَّارِوَلَنتَجِدَلَهُمْنَصِيرًا}

أيضاثبتأنللنارخزنةكماقالتعالى{وَقَالَالَّذِينَفِيالنَّارِلِخَزَنَةِجَهَنَّمَادْعُوارَبَّكُمْيُخَفِّفْعَنَّايَوْمًامِّنَالْعَذَابِ*قَالُواأَوَلَمْتَكُتَأْتِيكُمْرُسُلُكُمبِالْبَيِّنَاتِ ۖ قَالُوابَلَىٰ ۚ قَالُوافَادْعُوا ۗ وَمَادُعَاءُالْكَافِرِينَإِلَّافِيضَلَالٍ }

أيضاقولهسبحانه: {سَأُصْلِيهِسَقَرَ * وَمَاأَدْرَاكَمَاسَقَرُ * لَاتُبْقِيوَلَاتَذَرُ * لَوَّاحَةٌلِّلْبَشَرِ * عَلَيْهَاتِسْعَةَعَشَرَ *  وَمَاجَعَلْنَاأَصْحَابَالنَّارِإِلَّامَلَائِكَةً ۙ وَمَاجَعَلْنَاعِدَّتَهُمْإِلَّافِتْنَةًلِّلَّذِينَكَفَرُوا }

أيضاثبتأنمالكهوخازنالناركماقالسبحانه{ وَنَادَوْايَامَالِكُلِيَقْضِعَلَيْنَارَبُّكَ ۖ قَالَإِنَّكُممَّاكِثُونَ* لَقَدْجِئْنَاكُمبِالْحَقِّوَلَٰكِنَّأَكْثَرَكُمْلِلْحَقِّكَارِهُونَ}

أيضاثبتأنالكفاريساقونإليهاجماعاتزمراكماجاءفيسورةالزمر{ وَسِيقَالَّذِينَكَفَرُواإِلَىٰجَهَنَّمَزُمَرًا ۖ حَتَّىٰإِذَاجَاءُوهَافُتِحَتْأَبْوَابُهَاوَقَالَلَهُمْخَزَنَتُهَا }الأية.

أيضاجاءفيوصفدخولهمالنارقولهسبحانه{يُعْرَفُالْمُجْرِمُونَبِسِيمَاهُمْفَيُؤْخَذُبِالنَّوَاصِيوَالْأَقْدَامِ }وقال{وَأَعْتَدْنَالِمَنكَذَّبَبِالسَّاعَةِسَعِيرًا *إِذَارَأَتْهُممِّنمَّكَانٍبَعِيدٍسَمِعُوالَهَاتَغَيُّظًاوَزَفِيرًا *وَإِذَاأُلْقُوامِنْهَامَكَانًاضَيِّقًامُّقَرَّنِينَدَعَوْاهُنَالِكَثُبُورًا * لَّاتَدْعُواالْيَوْمَثُبُورًاوَاحِدًاوَادْعُواثُبُورًاكَثِيرًا }إلىآخرهذهالآياتالتيتدلعلىصفةدخولالنارنسألاللهالسلامةوالعافية.

أيضاثبتفيحديثأبيهريرةكمافيصحيحمسلمأنأولمنتسعربهمالناركماقالالنبيصلىاللهعليهوسلم :أن" أولالناسيقضىيومالقيامةعليهرجلاستشهدفأتيبهفعرفهنعمهفعرفهاقالفماعملتفيها ؟قال:قاتلتفيكحتىاستشهدت.قال:كذبت،ولكنكقاتلتلأنيقالجريءفقدقيلثمأمربهفسحبعلىوجههحتىألقيفيالنار "ثمذكرالرجلالذيتعلمالعلموالرجلالذيأعطاهاللهالمالوعملواهؤلاءجميعاأوعملهملميكنخالصالوجهتعالىسبحانهوتعالى.إلىغيرذلكمنالصفاتالتيوردتفيصفاتالناروصفاتأهلهاوصفاتطعامهم{ إِنَّشَجَرَتَالزَّقُّومِ * طَعَامُالْأَثِيمِ * كَالْمُهْلِيَغْلِيفِيالْبُطُونِ }{ أَذَٰلِكَخَيْرٌنُّزُلًاأَمْشَجَرَةُالزَّقُّومِ }أيضاصفاتشرابهم{ مِّنوَرَائِهِجَهَنَّمُوَيُسْقَىٰمِنمَّاءٍصَدِيدٍ *يَتَجَرَّعُهُوَلَايَكَادُيُسِيغُهُوَيَأْتِيهِالْمَوْتُمِنكُلِّمَكَانٍوَمَاهُوَبِمَيِّتٍ ۖ وَمِنوَرَائِهِعَذَابٌغَلِيظٌ } { وَسُقُوامَاءًحَمِيمًافَقَطَّعَأَمْعَاءَهُمْ }أيضاصفهثيابهم{ فَالَّذِينَكَفَرُواقُطِّعَتْلَهُمْثِيَابٌمِّننَّارٍيُصَبُّمِنفَوْقِرُءُوسِهِمُالْحَمِيمُ } أيضاقولهسبحانه{سَرَابِيلُهُممِّنقَطِرَانٍوَتَغْشَىٰوُجُوهَهُمُالنَّارُ}

أيضاجاءفيصفةفروشأهلجنهموحسرتهمولعنبعضهمبعضاولومبعضهمبعضا.

نسألاللهسبحانهوتعالىالسلامةوالعافية.

وإلىهنانأتيإلىختامهذهالمحاضرةوباللهالتوفيقوصلىوسلمعلىنبينامحمد.

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

الدرس العاشر

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أفضل الصلاة وأتم التسليم.

اللهم علمنا ما ينفعنا وانفعنا بما علمتنا إنك أنت السميع العليم، نرحب بالإخوة في مطلع المحاضرة العاشرة وهي الأخيرة من محاضرات العقيدة المتعلقة بالإيمان باليوم الأخر.

وقد تقدم الكلام عن مفهوم الإيمان باليوم الأخر ولوازم الإيمان بهذا اليوم إجمالاً وتفصيلا، وختاماً لابد أن نعرف هل للإيمان باليوم الأخر من ثمرات؟

ما المقصود بالإيمان باليوم الأخر، أو ما الشيء الأثر الذي يجب أن يبقيه الإيمان باليوم الأخر؟ بمعنى لابد أن يكون هناك آثار واضحة على حياة المسلم من خلال إيمانه بهذا الركن العظيم الذي هو الإيمان باليوم الأخر يتميز به عن بقية العباد الذي لا يمنون بهذا الركن العظيم، لابد أن يظهر أثر الإيمان باليوم الأخر على عبادة المسلم، على سلوكه، على منهجه، على أسلوب حياته على وجه العموم.

والإيمان باليوم الأخر لابد أن يكون له أثر في صلاح القلوب وصلاح الناس وسعادتهم في الدنيا والأخرة، في المقابل إذا نسي أو تناسى الإنسان هذا اليوم وغفل عنه فإن هذا يمثل خطرًا على حياة الناس ومصيرهم، ومن هنا ندرك أهمية هذا اليوم وكثرة وروده في القرآن، حتى إنك لا تكاد أن تزد صفحة من صفحاته أو سورة من سوره إلا وفيه ذكر لهذا اليوم ذكراً مباشر أو الماحة من بعيد، وقد جاء الاهتمام بهذا اليوم بشكل واضح في الكتاب والسنة وجاء في تفاصيل هذا اليوم ودقائق أحواله ما ينبأ عن أهمية أثر هذا الإيمان بهذا اليوم على حياة المسلم.

وأعظم قضية يجب أن ينشغل بها العبد المسلم هي قضية وجوده وحياته والغاية منها، أيضاً قضية مستقبله ومصيره وشقاءه وسعادته، فهذه الغاية وهذا الهدف يجب أن يكون دائماً نصب عينيه وأن يسير ويسخر كل الإمكانات لهذا الهدف الذي يسعى له: { قُلْإِنَّالْخَاسِرِينَالَّذِينَخَسِرُواأَنفُسَهُمْوَأَهْلِيهِمْيَوْمَالْقِيَامَةِ } [الزمر/15]، ما هو هذا الخسران، ما حجمه، ما مقداره؟ ﴿أَلاذَلِكَهُوَالْخُسْرَانُالْمُبِينُ﴾، ولا شك أن الحياة الدنيا بملازتها وشهواتها وكثرة تشبث الناس بها وركونهم إليها لا شك أن هذا سيؤثر على جانب الإيمان باليوم الأخر، لكن إذا استحضر الإنسان إيمانه استحضر إيمانه بهذا الأصل العظيم لا شك يجب أو لابد أن يكون له أثر على زهده في هذه الحياة ومعرفة قدرها ومكانتها، وقد قال الله سبحانه وتعالى: ﴿أَمَّنْهُوَقَانِتٌآنَاءَاللَّيْلِسَاجِداًوَقَائِماً﴾ [الزمر/9]، يعني كرس جهده وعمله لله عزوجل، قانت مخبت لله عزوجل آناء الليل الذي هو في الأصل عند من ركن إلى الدنيا هو إما وقت له وإما قت للراحة، هو ما سخره لعبادة الله عزوجل، ما الذي دفعه لذلك؟ لم يتلذذ بالنوم كما تلذذ به أهل الدنيا المتشبثون بها، لم يحيي هذا الليل في اللهو والسهو راحة النفس كما صنع ذلك المتشبثون بالحياة الدنيا، ما السبب في ذلك؟ اسمع قول الله عزوجل: ﴿أَمَّنْهُوَقَانِتٌآنَاءَاللَّيْلِسَاجِداًوَقَائِماًيَحْذَرُالآخِرَةَوَيَرْجُورَحْمَةَرَبِّهِ﴾[الزمر/9]، ﴿قُلْهَلْيَسْتَوِيالَّذِينَيَعْلَمُونَوَالَّذِينَلايَعْلَمُونَإِنَّمَايَتَذَكَّرُأُوْلُواالأَلْبَابِ﴾ [الزمر/9]، إذاً الذين ركنوا إلى الدنيا وتناسوا الأخرة هؤلاء لا يعلمون، أما الذين نور الله بصائرهم بالعلم النافع وعلموا أن هذه الحياة مزرعة للدار الأخرة، نعم غلبوا مراد الله على مراد أنفسهم وشهوتها.

ولعلي هنا أن أذكر بعض هذه الأثار المرجوة للإيمان باليوم الأخر:

§        فأولى هذه الثمرات الإخلاص لله عز وجل، والمتابعة للنبي صلى الله عليه وسلم؛ فالموقن بلقاء الله عزوجل يوم العرض عليه تتلاشى أمام عينيه جميع حروف الدنيا ويبقى مراقب لله عزوجل، خائف وجل من كل ما يؤثر على عمله الذي سينجو به يوم الفزع الأكبر، ولهذا يحرص كل الحرص أن تكون أعماله خالصة لوجه الله عزوجل، يتلاشى أمامه حظوظ النفس، العجب، طلب الجاه، طلب الشرف بسبب هذا العمل، فكل ما كان العبد موقناً بلقاء ربه صار له الأثر الواضع في الحرص الشديد على ألا يضيع شيء من أعماله الصالحة في موقف القيامة، يوم أن يكون في أشد الأوقات حاجة لثمرات هذه الأعمال ولهذا تجاهد نفسه في بلوغ الغاية لحصول الإخلاص، وقد أشار إلى هذا قوله سبحانه: ﴿قُلْإِنَّمَاأَنَابَشَرٌمِّثْلُكُمْيُوحَىإِلَيَّأَنَّمَاإِلَهُكُمْإِلَهٌوَاحِدٌفَمَنكَانَيَرْجُولِقَاءَرَبِّهِفَلْيَعْمَلْعَمَلاًصَالِحاًوَلايُشْرِكْبِعِبَادَةِرَبِّهِأَحَداً﴾ [الكهف/110]، إذا كنت ترجوا وتؤمن بلقاء الله عزوجل يوم القيامة فلابد أن تحقق الأعمال خالصة لوجه الله عزوجل ﴿فَلْيَعْمَلْعَمَلاًصَالِحاً﴾ [الكهف/110]، العمل الصالح كما قال الفضيل وغيره: هو ما كان خالصاً صوابا.

قال: ﴿وَلايُشْرِكْبِعِبَادَةِرَبِّهِأَحَداً﴾لا يدخل مخلوق كائن من كان في عبادة الله عزوجل لأن العبادة يجب أن تكون خالصة لمن كان يرجوا لقاء الله، لمن كان يؤمن باليوم الأخر، هذه هي الثمرة الأولى من ثمرات الإيمان باليوم الأخر.

§        الثمرة الثانية: الحذر من الدنيا ومن الزهد فيها، والصبر على شدائدها وطمأنينة القلب وسلامته فإن العبد إذا أكثر ذكر الأخرة وأصبح الإيمان باليوم الأخر هو شغله الشاغل فإنه ولا شك سيكون زاهداً في هذه الدنيا بملذاتها، وسيكون على حذر شديد من فتنتها، وحينئذ لا يغتر بزهرتها وزهوتها كما يغتر من ركن إليها، بل كل ما فاته من ملذاتها فإنه على يقين تام أن الله عزوجل سيعوضه بخير منها يوم القيامة.

أيضاً هذا الأمر يعطيه القناعة وسلامة القلب من الحسد والغل والشحناء لأن الحسد دائماً يرتبط بالحظوظ الدنيوية.الغل يرتبط بالحظوظ الدنيوية، الشحناء والتباغض، كل ذلك غالباً ما يحصل بسبب الركون إلى الدينا، أما الذي يعيش بفكره ويحلق بنفسه في الدار الأخرة فإن هذه الدنيا لا تسوى عنده شيء، بل إنه يستشعر قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو كانت الدنيا تعدل عند الله جناح بعوضة ما سقى منها شربة ماء "فالدنيا بقضها وقضيضها وأنهارها وقصورها ونساءها وجناتها وأموالها لا تعدل عند الله جناح بعوضة. ما هي البعوضة وما جناحها؟. بل إن الله عزوجل أمرنا أن نتزود من الدنيا ما نتبلغ به إلى الدار الأخرة: ﴿وَابْتَغِفِيمَاآتَاكَاللَّهُالدَّارَالآخِرَةَ﴾[القصص/77]، يعني يجب أن نسخر هذه الملذات في الدنيا لتكون حافز ودافع لنا للتزود للدار الأخرة.

أيضاً ما يصيب الإنسان فيها من هم وغم وحزن وما يفوته فيها من حظوظ ومطالب كل هذه لا تساوي عند المؤمن شيئاً لأنه يرجوا من الله مالا يرجوه أهل الدنيا ﴿إِنتَكُونُواْتَأْلَمُونَفَإِنَّهُمْيَأْلَمُونَكَمَاتَأْلَمونَوَتَرْجُونَ﴾[النساء/104].

§        الثمرة الثالثة: أن الإيمان باليوم الأخر يدعوا صاحبه إلى التزود بالأعمال الصالحة إلى التقرب إلى الله عزوجل بشتى أنواع القربات، الإيمان باليوم الأخر يجب أن يكون حائل بين المؤمن وبين الوقوع في المعاصي، الإيمان باليوم الأخر يجب أن يكون سبباً للمبادرة بالتوبة والاستغفار ولهذا يقول بن القيم رحمه الله: " ومما ينبغي أن من رجى شيئاً استلزم رجاءه ثلاثة أمور:

·        الأول: محبة ما يرجوا.

·        الثاني: خوفه من فواته.

·        الثالث: سعيه في تحصيله بحسب الإمكان.

وأما رجاء لا يقارنه شيء من ذلك فهو من باب الأمان، والرجاء والأمان شيء أخر، فكل راج خائف، والسائر على الطريق إذا خاف أسرع السير مخافة الفوات. " انتهى كلامه.

إذاً من يرجوا الفوز في الدار الأخرة من يرجوا النجاة يوم القيامة لابد أن يتولد من رجاءه هذا هذه الأمور التي ذكرها الإمام بن القيم:

أولاً: محبة ما يرجوه، محبة النعيم الذي ينتظره، محبة الله عزوجل الذي سيبلغه هذا الرجاء، لأن هذا النعيم لا يمكن أن يتأتى إلا برضى الله سبحانه وتعالى، فهو يحب رضى الله.

أيضاً إذا رجى موعوده في الدار الأخرة فلابد أن يتولد من هذا الرجاء الخوف والوجل من ألا يدرك هذا الأمر.

الأمر الثالث الذي يتولد عن هذا الرجاء: السعي في تحصيل هذا الأمر بحسب الإمكان، وتحصيله لا يتأتى إلا بالأعمال الصالحة، لا يتأتى إلا باجتناب المعاصي والكبائر والذنوب، لا يمكن أن يتأتى إلا بالاستغفار والتوبة.

فالإيمان باليوم الأخر لابد أن يتولد عنه هذا الأمر، وإلا كان إيمانه ناقصاً، وجاء في الحديث الصحيح قول النبي صلى الله عليه وسلم: (من خاف أدلج ومن أدلج بلغ المنزلة ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة)، ﴿إِنَّالَّذِينَهُممِّنْخَشْيَةِرَبِّهِممُّشْفِقُونَ [57] وَالَّذِينَهُمبِآيَاتِرَبِّهِمْيُؤْمِنُونَ [58] وَالَّذِينَهُمبِرَبِّهِمْلايُشْرِكُونَ [59] وَالَّذِينَيُؤْتُونَمَاآتَواوَّقُلُوبُهُمْوَجِلَةٌأَنَّهُمْإِلَىرَبِّهِمْرَاجِعُونَ [60]﴾ [المؤمنون: 57-60]، كذا كانت النتيجة ﴿أُوْلَئِكَيُسَارِعُونَفِيالْخَيْرَاتِوَهُمْلَهَاسَابِقُونَ﴾ [المؤمنون/61]، إذاً هذه الأمور إيمانه بأنهم تائبون إلى الله راجعون إلى الله ولد المسارعة في الخيرات، المسابقة إلى الله عزوجل.

إذاً من أعظم ثمرات الإيمان باليوم الأخر أن يتزود المؤمن بالطاعات وبشتى أنواع القربات، وأن يجتنب شتى أنواع المعاصي والذنوب، أن يرى أثر الإيمان باليوم الأخر على عبادته، فيصلي إذا أعرض الناس عن الصلاة، يصوم إذا أفطر الناس، يقوم إذا نام الناس، لا يفتر لسانه عن ذكر الله عزوجل إذا انشغل الناس بشؤونهم وحياتهم الخاصة، ولما؟ لأنه يرجوا ملا يرجون، ويؤمل مالا يؤملون، وعينه إلى الله والدار الأخرة.

إذا دعته نفسه وسولت له الوقوع في المعاصي والكبائر تذكر الدار الأخرة، استشعر إيمانه باليوم الأخر فكان هذا حائل له أن يقع فيما سينغص عليه حياته إذا قام الناس لرب العالمين.

§        أيضاً من ثمرات الإيمان باليوم الأخر: الحذر من الوقوع في الظلم، والظلم أنواع وصور، وظلم العبد لنفسه هذا تقدم الكلام عليه، أن يظلمها بالوقوع في المعاصي وقلنا: أن الإيمان باليوم الأخر يحول أو يجب أن يحول بين الإنسان وأن يظلم نفسه بارتكاب هذه المعاصي، لكن المقصود هنا أو الثمرة هنا تتركز على ظلم العباد بعضهم لبعض، وذلك أن الدنيا بأحوالها مظنة وقوع الظلم والشحناء والتنافس غير المشروع فيها فاستشعار المؤمن أنه سيقف بين يدي الله عزوجل وسيحاسب عن حقوق العباد وأن هناك موازين وصحف لا يمكن أن تغادر صغيرة ولا كبيرة سيكون هذا له الأثر الواضح على ارتداع هذا العبد المؤمن عن الوقع في أي نوع من أنواع المظالم التي ربما يتعدى فيها على حقوق العباد ﴿وَنَضَعُالْمَوَازِينَالْقِسْطَلِيَوْمِالْقِيَامَةِفَلاتُظْلَمُنَفْسٌشَيْئاًوَإِنكَانَمِثْقَالَحَبَّةٍمِّنْخَرْدَلٍأَتَيْنَابِهَاوَكَفَىبِنَاحَاسِبِينَ﴾[الأنبياء/47]، ﴿وَوُضِعَالْكِتَابُفَتَرَىالْمُجْرِمِينَمُشْفِقِينَمِمَّافِيهِوَيَقُولُونَيَاوَيْلَتَنَامَالِهَذَاالْكِتَابِلايُغَادِرُصَغِيرَةًوَلاكَبِيرَةًإِلاَّأَحْصَاهَا﴾ [الكهف/49]، ولهذا كلما تذكر المؤمن إيمانه باليوم الأخر لا شك أنه سيكون على حذر عظيم من الوقوع في ظلم الأخرين سواء كان هذا الظلم في دمائهم أو أموالهم أو أعراضهم أو في أي حق من حقوقهم، والنبي صلى الله عليه وسلم ذكر في الحديث أن الدواوين ثلاثة: وذكر منها ديواناً لا يغادر صغيرة ولا كبيرة وهي حقوق العباد فيما بينهم، ديوان لا يغفره الله عزوجل، وديوان لا يعبأ الله به عزوجل، وديوان لا يمكن أن يهمله الله عزوجل بل لابد أن يحاسب العبد عليه وهي المظالم التي كانت بين الناس، فهذا اليوم الذي هو يوم القيامة يوم الفصل وهو اليوم الذي يتجلى فيها العدل في أعظم وأسمى صوره عندما يقضى بين الخصوم بحكم الله عزوجل وهو أحكم الحاكمين، فهذا التصور وهذا الإيمان وهذا الاستشعار بلا شك أنه سيكون رادعاً للمؤمن أن يتعدى على الأخرين، أو يقع في شيء من مظالمهم.

§        أيضاً من ثمرات الإيمان باليوم الأخر: حصول الأمن واستقامة أحوال الناس وانضباط تصرفاتهم فيما بينهم، فأي مجتمع يسود بين أهله الإيمان بالله عزوجل والإيمان باليوم الأخر والجزاء والحساب لا شك أن هذا المجتمع سيتميز عن بقية المجتمعات بالسلامة والألفة والاستقرار بين أهله، لأن أفراده كل منهم يستشعر أنه لا يمكن أن يعتدي على غيره أو يأخذ حق غيره بغير حق، لا يمكن أن يغش المسلم لا يمكن أن يخون غيره ولهذا بلا شك أن هذا المجتمع سيكون نموذجاً في استقراره وألفة أهله وسلامة هذا المجتمع، عندما تولى أبو بكر الصديق رضي الله عنه الخلافة ولى عمر القضاء في مكة، ثم قدم عليه عمر بعد مدة طويلة حتى قيل أنه بعد سنة أو قيل ستة أشهر فسأله الصديق: ما أقدمك؟ يعني تركت العمل الذي وكلت به وهو القضاء؟ قال: يا خليفة رسول الله وضعتني عند أُناس هم أحد رجلين:

* الأول: رجل عرف الحق له فأخذه.

         * الثاني: رجل أخر عرف الحق لغيره فتركه.

ولهذا يقول: جلست هذه المدة لم تعرض عليَّ أي قضية، هذا هو المجتمع الذي يسوده الإيمان بالله والإيمان باليوم الأخر.

كذلك لو تأملنا مجتمع الخلفاء الراشدين، لما كان هو المجتمع النموذجي في إيمانه بالله عزوجل واليوم الأخر كيف كان هذا المجتمع أُنموذج ورمز للمحبة والألفة والتعاون والتألف بين أفراد ذلك المجتمع، والسبب أن هذا المجتمع كان أعظم المجتمعات إيماناً بالله واليوم الأخر.

§        أيضاً من لوازم الإيمان بالله واليوم الأخر: قصر الأمل، والحفاظ على ساعات العمر والوقت والزمن، لا شك أن المؤمن باليوم الأخر يعلم علم اليقين أن هذه الدينا كما وصفها النبي صلى الله عليه وسلم: (كظل سائر،كرجل استظل في شجرة ثم قام وتركها)، فكلما ازداد المؤمن إيماناً باليوم الأخر كلما قصر أمله ولن يلتفت إلى هذه الدنيا ثم شح بوقته وعمره لأنه يعلم أن العمر محدود وأن الساعات محدودة، قال الله: ﴿قَالَكَمْلَبِثْتُمْفِيالأَرْضِعَدَدَسِنِينَ [112] قَالُوالَبِثْنَايَوْماًأَوْبَعْضَيَوْمٍ﴾[المؤمنون: 112/113]، أنفاس معدودة ولهذا يحاول المؤمن بقدر ما يستطيع أن يصرف هذه الساعات فيما يبلغه الدار الأخرة، وينجو بهذه الأعمال يوم العرض الأعظم على الله سبحانه وتعالى.

فإيمان المؤمن باليوم الأخر فيتولد عنه قصر الأمل في عينه، بخلاف من ضعف عنده جانب الإيمان باليوم الأخر، فسيتولد عنده طول الأمل، ولهذا يقول بن قدامة رحمه الله: " واعلم أن السبب في طول الأمل سيئان:

s        أحدهما: حب الدنيا.

s        الثاني: الجهل. "

يقول: " أما حب الدينا فإن الإنسان إذا أنس بها وبشهواتها وملذاتها وعلائقها ثقل على قلبه مفارقتها، فامتنع من الفكر في الموت الذي هو سبب مفارقتها، وكل من كره شيئاً دفعه عن نفسه.

السبب الثاني: الجهل وهو أن الإنسان يعول على شبابه ويستبعد قرب الموت مع الشباب، او ليس يتفكر المسكين في أن مشايخ بلده لو عُدوا كانوا أقل من العشرة، وإنما قلوا لأن الموت في الشباب أكثر، وإلى أن يموت شيخ قد يموت ألف صبي وشاب، وقد يغتر بصحته ولا يدري أن الموت يأتي فجأة وإن استبعد ذلك. " انتهى كلامه رحمه الله.

§        أيضاً من ثمرات الإيمان باليوم الأخر: التخلق بالأخلاق الحسنة، وأن تسود المحبة بين الناس لأن من يوقن بيوم القيامة يعتقد أن هذه الحياة لا يمكن أن أصرفها في مشاحنة الأخرين في إساءة السلوكيات تجاه الأخرين، هي لا تستحق هذا الأمر، لا تستحق أن أغضب غيري أو أسيء الأدب مع غيري.

§        أيضاً من ثمرات الإيمان باليوم الأخر: وهي تعتبر من الثمرات الرئيسة بل هي غاية ثمار وهي الفوز برضا الله سبحانه وتعالى وجنته والنجاة من سخطه وأليم عذابه، فالمؤمن يعتقد اعتقاداً جازماً أن ﴿كُلُّنَفْسٍذَآئِقَةُالْمَوْتِوَإِنَّمَاتُوَفَّوْنَأُجُورَكُمْيَوْمَالْقِيَامَةِفَمَنزُحْزِحَعَنِالنَّارِوَأُدْخِلَالْجَنَّةَفَقَدْفَازَوَماالْحَيَاةُالدُّنْيَاإِلاَّمَتَاعُالْغُرُورِ﴾ [آلعمران/185]، لا شك أن هذه أسمى الغايات في كون العبد المؤمن آمن باليوم الآخر ليكون هذا سبباً لدخوله في مرضات ربه سبحانه وتعالى وأن ينال جنته ومرضاته وأن ينجوا بهذا الإيمان من عذاب الله عزوجل وأليم عقابه، وأكرم بها وأنعم بها من ثمرة، والله عزوجل أخبر في عشرات الآيات أن من أعظم أسباب دخول النار مع عدم الإيمان بالله عزوجل: عدم الإيمان باليوم الأخر، يقول جل وعز: ﴿هَلْيَنظُرُونَإِلاَّتَأْوِيلَهُيَوْمَيَأْتِيتَأْوِيلُهُيَقُولُالَّذِينَنَسُوهُمِنقَبْلُقَدْجَاءتْرُسُلُرَبِّنَابِالْحَقِّ﴾ [الأعراف/53]، أخبرتهم الرسل، أخبرتهم أنبياءهم عن وقوع هذا اليوم لا محالة، فكذبوهم في الحياة الدينا لكن إذا بعثهم الله عزوجل وأقامهم بين يديه في عرصات القيامة التفت بعضهم إلى بعض بعد أن عاينوا الحقيقة، وتمثلت لهم عياناً بأبصارهم يحسونها ويدركونها ولا مجال ثمة للتكذيب بها، يقول بعضهم لبعض ﴿لَقَدْجَاءتْرُسُلُرَبِّنَابِالْحَقِّ﴾ [الأعراف/43]، فعلاً الأنبياء أخبرونا بالحقيقة لكننا كذبنا في ذلك الوقت، فها هي الحقيقة ماثلة بين أيدينا.

 

نسأل الله سبحانه وتعالى أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل، وأن يرزقنا الاستعداد لهذا اليوم العظيم، وأن يثبتنا على الإيمان به والإيمان بكتبه ورسله وملائكته وباليوم الأخر وبالقدر وأن يبعثنا ويحشرنا مع اللذين أنعم الله عليهم من النبيين والصدقين والشهداء والصالحين وحسن أولئك رفيقا، وسبحانك اللهم وبحمدك نشهد أن لا إله إلا أنت نستغفرك ونتوب إليك، والله أعلم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرا وبالله التوفيق.

والحمد لله رب العالمين.

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق