الثلاثاء، 4 فبراير 2025

15 - تفسير سورة آل عمران

 

  تفسير سورة آل عمران

من آية   159إلى آية  

 

" فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللَّهِ لِنتَ لَهُمْ  وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ  فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ  فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ"159.

نزلت هذه الآيات عقب غزوة أُحد التي خالف فيها النبيَّ صلى الله عليه وسلم بعضُ أصحابهِ، وكان من جرّاء ذلك ما كان من الفشل وظهور المشركين عليهم حتى أصيب النبيُّ صلى الله عليه وسلم  مع من أصيب.

فبعد أن أرشد سبحانه عباده المؤمنين في الآيات المتقدمة إلى ما ينفعهم في معاشهم ومعادهم وكان من جملة ذلك أن عفا عنهم - زاد في الفضل والإحسان إليهم في هذه الآيات بأن مدح الرسول صلى الله عليه وسلم على عفوه عنهم وتركه التغليظ عليهم،.

فبسبب رحمة عظيمة فياضة منحك الله إياها يا محمد كنت لَيِّنًا مع أتباعك فى كل أحوالك ، ولكن بدون إفراط أو تفريط ، فقد وقفت من أخطائهم التي وقعوا فيها في غزوة أُحد موقف القائد الحكيم المُلْهَم فلم تعنفهم على ما وقع منهم وأنت تراهم قد استغرقهم الحزن والهم. بل كنت لَيِّنًا رفيقًا معهم . وهكذا القائد الحكيم لا يُكثر من لوم جنده على أخطائهم الماضية ، لأن كثرة اللوم والتعنيف قد تولد اليأس ، وإنما يتلفت إلى الماضي ليأخذ منه العبرة والعظة لحاضره ومستقبله ويغرس في نفوس الذين معه ما يحفز همتهم ويشحذ عزيمتهم ويجعلهم ينظرون إلى حاضرهم ومستقبلهم بثقة واطمئنان وبصيرة مستنيرة . وإن الشدة فى غير موضعها تفرق ولا تجمع وتُضعف ولا تقوي ، ولذا قال – تعالى " وَلَوْ كُنتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ" لو كنت تحمل قلبًا قاسيًا وخُلقًا صعبًا.

الفظ : خشونة القول وسوء الخُلق، غَلِيظَ الْقَلْبِ :الغلظ في القلب هو قسوة في القلب ما ينشأ عنه الخشونة في الألفاظ.

أي ولو كنت خشنًا جافيًا في معاملتهم لتفرقوا عنك، ونفروا منك، ولم يسكنوا إليك، ولم يتم أمرك من هدايتهم وإرشادهم إلى الصراط السوي. وإن الشدة في غير موضعها تفرق ولا تجمع وتضعف ولا تقوي ، فالجملة الكريمة تنفي عن الرسول صلى الله عليه وسلم أن يكون فظا أو غليظا ، في الظاهر والباطن لأن " لو " تدل على نفي الجواب لنفي الشرط . أي أنك لست - يا محمد - فظا ولا غليظ القلب ولذلك التف أصحابك من حولك يفتدونك بأرواحهم وبكل مرتخص وغال ، ويحبونك حبًا يفوق حبهم لأنفسهم ولأولادهم ولآبائهم ولأحب الأشياء إليهم .

والرسول صلى الله عليه وسلم كان مبرأ من كل ذلك ، ويكفي أن الله - تعالى - قد قال فى وصفه " لَقَدْ جَاءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ "التوبة: 128.

فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ  إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ: فالفاء هنا تفيد ترتيب ما بعدها على ما قبلها ، أي أنه يترتب على لين جانبك مع أصحابك ، ورحمتك بهم ، أن تعفو عنهم فيما وقعوا فيه من أخطاء تتعلق بشخصك أو ما وقعوا فيه من مخالفات أدت إلى هزيمتهم في أُحد ، فقد كانت زلة منهم وقد أدبهم الله عليها. وأن تلتمس منَ اللهِ تعالى ، أن يغفر لهم ما فرط منهم ، إذ في إظهارك ذلك لهم تأكيد لعفوك عنهم ، وتشجيع لهم على الطاعة والاستجابة لأمرك.

 وأنْ يَستشيرَهم في الأمورِ الَّتي تحتاجُ إلى مشورةٍ، فإذا ترجَّح له أمرٌ بعد الاستشارةِ فليَمضِ فيه متوكِّلًا على الله، أي: اعتمد على حول الله وقوته، متبرئا من حولك وقوتك، والله سبحانه يحبُّ مَن يتوكَّل عليه.

https://www.ajnet.me/blogs/2017/5/15/%D9%85%D9%81%D9%87%D9%88%D9%85-%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B5%D8%B1-%D9%88%D8%A7%D9%84%D9%87%D8%B2%D9%8A%D9%85%D8%A9-%D9%81%D9%8A-%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D8%A2%D9%86-%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%B1%D9%8A%D9%85

 

"إِن يَنصُرْكُمُ اللَّهُ فَلَا غَالِبَ لَكُمْ  وَإِن يَخْذُلْكُمْ فَمَن ذَا الَّذِي يَنصُرُكُم مِّن بَعْدِهِ  وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ"160.

ثمَّ يخبِرُهم تعالى أنَّه حِين يُقدِّرُ للمؤمنين النَّصرَ فلنْ يَستطيعَ أحدٌ أنْ يَهزمَهم، وإنْ تخلَّى اللهُ عنهم فلا يُمكن لأحدٍ أنْ يَنصُرَهم أبدًا، لأن الله لا مغالب له، وقد قهر العباد وأخذ بنواصيهم، فلا تتحرك دابة إلا بإذنه، ولا تسكن إلا بإذنه ،وعلى اللهِ وحْدهَ فليكُنِ اعتمادُ كلِّ مؤمن.

والمراد بالنصر هنا العون الذي يسوقه لعباده حتى ينتصروا على أعدائهم . والمراد بالخذلان ترك العون . والمخذول ، هو المتروك الذى لا يُعبأ به.

" وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ  وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ "161.

ثمَّ يُخبِرُ تعالى أنَّه ليس من صِفاتِ الأنبياءِ الغُلولُ، أي: كتمانُ الغنيمةِ، أو الأخذ من الغنيمة خفية قبل قسمتها ولا الخيانةُ عمومًا، ولا يَنبغي أن يُتَّهموا بذلِك، أو يَخُونَهم أحدٌ، وأنَّ مَن قام بالخيانةِ في غنائمِ المسلمين فإنَّه يُجيءُ معه يومَ القيامة بذلك الشَّيءِ الَّذي أخَذَه خِيانةً، ثمَّ تُجزَى كلُّ نفسٍ بما عمِلَتْ، لا يُظلَمُ أحدٌ شيئًا.

نزلَت هذه الآيه " وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ  "في قَطيفةٍ حمراءَ افتُقدت يومَ بدرٍ فقال : بَعضُ النَّاسِ لعلَّ رسولَ اللهِ أخذَها، فأنزلَ اللهُ تبارَك وتعالَى " وَمَا كَانَ لِنَبِيٍّ أَن يَغُلَّ  "إلى آخرِ الآيةِ"الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : الألباني - المصدر : صحيح الترمذي - الصفحة أو الرقم : 3009 - خلاصة حكم المحدث : صحيح.

اخْتارَ اللهُ سبحانَه رُسلَه وأنبياءَه واصطَفاهُم مِن خِيرةِ الخلقِ، وأدَّبَهم على عْينِه سبْحانَه؛ فَهم أفْضلُ الخلقِ خُلقًا وعمَلًا، ولكنْ دائمًا ما كان الرُّسلُ يُبْتَلَوْن بالمنافِقينَ والمعَانِدينَ الَّذين يَصِفونَهم بالقبائحِ، ولكنَّ اللهَ يُظهِرُ براءةَ أنبيائِه ورسلِه على أعْيُنِ النَّاسِ جميعًا، وقد تَعرَّض النَّبيُّ صلَّى الله عليه وسلَّم لِمثْلِ هذا، وأنْزلَ اللهُ براءتَه قرْآنًا يُتلَى إلى يومِ القيامةِ، كما يقولُ عبدُ اللهِ بنِ عبَّاسٍ رَضِي اللهُ عَنهما في هذا الحديثِ. وفي الحديثِ: أنَّ اللهَ تعالى يُدافِعُ عن أنبيائِه وأوليائِه.

وفيه: بيانُ أنَّ المنافِقين شِرارُ النَّاسِ.الدرر السنية.

وَمَن يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ  : جمهور العلماء على أن الغال يأتي بما غله يوم القيامة بعينه على سبيل الحقيقة لأن ظواهر النصوص من الكتاب والسنة تؤيد ذلك . ولأنه لا موجب لصرف الألفاظ عن ظواهرها .

قال أبو هريرة: قَامَ فِينَا رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ ذَاتَ يَومٍ، فَذَكَرَ الغُلُولَ، فَعَظَّمَهُ وَعَظَّمَ أَمْرَهُ، ثُمَّ قالَ: لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ بَعِيرٌ له رُغَاءٌ يقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ فَرَسٌ له حَمْحَمَةٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ شَاةٌ لَهَا ثُغَاءٌ يقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ نَفْسٌ لَهَا صِيَاحٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ رِقَاعٌ تَخْفِقُ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ، لا أُلْفِيَنَّ أَحَدَكُمْ يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ، فيَقولُ: يا رَسولَ اللهِ، أَغِثْنِي، فأقُولُ: لا أَمْلِكُ لكَ شيئًا، قدْ أَبْلَغْتُكَ."الراوي : أبو هريرة - صحيح مسلم.

حَذَّر الشَّرعُ الإسلاميُّ المُطهَّرُ تَحذيرًا شَديدًا مِنَ الغُلولِ، وهو الخِيانةُ والسَّرِقةُ مِنَ الغَنيمةِ قبْلَ قِسمَتِها، وبَيَّنَ أنَّ عُقوبَتَه تَكونُ على رُؤوسِ الأشهادِ يَومَ القيامةِ.

وأخبَرَ أنَّه لا يَأخُذُ أحَدٌ مِنَ المَغنَمِ شَيئًا بغَيرِ حَقٍّ، إلَّا جاءَ يَومَ القيامةِ وهو يَحمِلُ ما سَرَقَه على رَقبَتِه.

رِقاعٌ: جَمعُ رُقعةٍ، وهي الخِرقةُ، تَخفِقُ: أي: تَتَحرَّكُ إذا حَرَّكَتْها الرِّياحُ، أو تَلمَعُ.

كلُّ هؤلاء يُنادُون رَسولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لِيَشفَعَ لهم عِندَ اللهِ عَزَّ وجَلَّ أنْ يَرفَعَ عنهم هذا العَذابَ، فتَكونُ الصَّدمةُ أنْ يُخبِرَهم النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ بأنَّه لا يَملِكُ لهم عِندَ اللهِ شَيئًا مِنَ المَغفِرةِ أوِ الشَّفاعةِ؛ لِأنَّ الشَّفاعةَ تَكونُ بأمْرِ اللهِ وإذنِه، ثمَّ يَقولُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ لكلِّ واحدٍ منهم"قدْ أبلَغتُكَ"، فأنذَرتُكَ عاقِبةَ هذا الفِعلِ وأنتَ في الدُّنيا، فلمْ تَستجِبْ، فغَلَلْتَ وسَرَقتَ، فاستَحَقَّيتَ العُقوبةَ مِن اللهِ تعالَى. وحِكمةُ الحَملِ على الرَّقَبةِ هي فَضيحةُ الحامِلِ على رُؤوسِ الأشهادِ في ذلك المَوقِفِ العَظيمِ، وقال بَعضُهم: هذا الحَديثُ يُفسِّرُ قَولَه تَعالى"وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِمَا غَلَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"آل عمران: 161، أي: يأتِ به حامِلًا له على رَقَبَتِه.

وفي الحَديثِ: أنَّ العُقوباتِ قدْ تَكونُ مِن جِنسِ الذُّنوبِ، بأنْ يَجعَلَها اللهُ سُبحانَه وتعالَى عِقابًا لِلشَّخصِ.

وفيه: تَعديدُ بَعضِ أنواعِ الغُلولِ؛ لِيَكونَ إعلامًا لِلنَّاسِ بها.

يَجِيءُ يَومَ القِيَامَةِ علَى رَقَبَتِهِ صَامِتٌ: الصامِتُ الذَّهَبُ والفِضَّةُ المَغلولةُ. .الدرر السنية.

ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ: ثم تُعطَى كلُّ نفسٍ يومَ القيامةِ جزاء ما كسبت من خير أو شر وافيًا تامًا ، وهم لا يظلمون شيئًا.جاء بصيغة العموم ، ولم يقل ثم يوفي الغال مثلا - لأن من فوائد ذكر هذا الجزاء بصيغة العموم ، الإعلام والإخبار للغال وغيره من جميع الكاسبين بأن كل إنسان سيجازَى على عمله سواء أكان خيرًا أو شرًا . فيندرج الغال تحت هذا العموم أيضًا فكأنه قد ذُكِرَ مرتينِ .

" أَفَمَنِ اتَّبَعَ رِضْوَانَ اللَّهِ كَمَن بَاءَ بِسَخَطٍ مِّنَ اللَّهِ وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ  وَبِئْسَ الْمَصِيرُ"162.

ثم أكد - سبحانه - نفي الظلم عن ذاته ، أي أفمن اتقى وسعى في تحصيل رضا الله بفعل الطاعات، وترك الغلول وغيره من الفواحش والمنكرات حتى زكت نفسهُ وصفت روحُهُ - يكون جزاؤه كجزاء من انتهى أمره إلى سخط الله، وعظيم غضبه، بفعل ما يدنس نفسَهُ منَ الخطايا من سرقة وغلول وسلب وقتل، وترك ما يطهرها من فعل الخيرات وعمل الصالحات؟!.

فالآية الكريمة تفريع على قوله - تعالى - قبل ذلك " ثُمَّ توفى كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ " وتأكيد لبيان أنه لا يستوي المحسن والمسىء والأمين والخائن . والاستفهام إنكاري بمعنى النفي ، أي لا يستوي من اتبع رضوان الله مع من باء بسخط منه . وقد ساق - سبحانه - هذا الكلام الحكيم بصيغة الاستفهام الإنكاري ، للتنبيه على أن عدم المساواة بين المحسن والمسيء أمر بدهي واضح لا تختلف فيه العقول والأفهام ، وأن أي إنسان عاقل لو سُئل عن ذلك لأجاب بأنه لا يستوي من اتبع رضوان الله مع من رجع بسخط عظيم منه بسبب كفره أو فسقه وشبيه بهذه الآية قوله - تعالى " "أَفَمَن كَانَ مُؤْمِنًا كَمَن كَانَ فَاسِقًا  لَّا يَسْتَوُونَ" السجدة:18. وقوله " "أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ" ص:28..ثم أعقب - سبحانه - ذكر سخطه بذكر عقوبته فقال " وَمَأْوَاهُ جَهَنَّمُ  وَبِئْسَ الْمَصِيرُ" أي أن هذا الذي رجع بغضب عظيم عليه مِنَ اللهِ - تعالى - بسبب كفره أو فسوقه أو خيانته ، سيكون مثواه ومصيره إلى النار وبئس ذلك المصير الذي صار إليه وكان له مرجعًا ونهاية .

 

الأحد، 8 أبريل 2018

شعبان.. توطئة وتهيئة لاستقبال رمضان

شعبان.. توطئة وتهيئة لاستقبال رمضان
إعداد وتهذيب: د. محمد شهاب
• ها قد دخل شعبان، والناس عنه غافلة، وفاز من فاز بالتقرب والاستعداد فيه لرمضان، ولنا مع هذا الشهر المبارك وقفات ننظر فيها حال رسول الله صلى الله عليه وسلم وحال سلف الأمة، الذين أمرنا بالاقتداء بهم، مع ذكر بعض فضائله وأحكامه.
• شهر شعبان هو المدخل الذي يدخل منه العبد على رمضان، فكيف يكون الاستعداد الجيد في شهر شعبان لاستقبال رمضان؟ وكيف كان الرسول صلى الله عليه وسلم يستعد لهذا الموكب الكريم؟
• كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يستعد لاستقبال رمضان من أول شعبان، فكان يستعد استعدادًا عمليًّا ونفسيًّا، كان يستعد بالصيام، والقرآن والدعاء، وذكر رمضان وفضائله.
1- الاستعداد بالصيام: من فضائل شعبان: أن الأعمال تُرفع فيه، عن أُسَامَةُ بْنُ زَيْدٍ رضي الله عنهما قَال : قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ شَهْرًا مِنْ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ ؟ قَالَ: (ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ ) رواه أحمد، والنسائي، وصححه ابن خزيمة، وهذه لفتة فتنبه لها يا عبد الله، قالوا: هذا فيه دليل على استحباب عمارة أوقات غفلة الناس بالطاعة، وأن ذلك محبوب لله عز وجل.
• ومن فضائله: كثرة صيام النبي عليه الصلاة والسلام فيه؛ لحديث أسامة السابق ولحديث أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت : (مَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ عليه الصلاة والسلام اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلاَّ رَمَضَانَ وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ مِنْهُ صِيَامًا فِي شَعْبَانَ) رواه الشيخان. روّض نفسك على الصوم من الآن.
• كما يقول «ابن رجب» في كتاب لطائف المعارف: وقد قيل في صوم شعبان، إن صيامه كالتمرين على صيام رمضان، لئلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد بصيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
• ولا شك أن من حَرَصَ على الصيام في مثل هذه الأوقات، هو أشد حرصا على سائر الطاعات والأعمال الصالحات، من صلوات مفروضة، ونوافل مسنونة، وأذكار موظفة، وقراءة للقرآن، وصلة للرحم، وإنفاق في وجوه الخير، وغير ذلك.
• وقيل في فضل الصيام في هذا الشهر إنه استعداد وتمرين لشهر رمضان، فلا يجد المرء مشقة وكلفة في صيامه، وكذلك الحال في بقية الأعمال، فيسن للمرء أن يجتهد في شهر شعبان، حتى إذا أتى رمضان، كان أكثر اجتهادا، وأكثر قدرة على طاعة الله عز وجل.
2- الاستعداد بالقرآن: يقول أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم كان المسلمون إذا دخل شعبان انكبُّوا على المصاحف فقرؤوها، وأخرجوا زكاة أموالهم تقويةً للضعيف والمسكين على صيام رمضان، وقال أحد السلف: شعبان شهر القُرَّاء، فالذي تعود على المحافظة على ورده القرآني قبل رمضان سيحافظ عليه إن شاء الله في رمضان.
• افتح من الآن صفحةً جديدةً مع كتاب الله تعالى، وعُد إليه بشوقٍ يدفعك لمجالسته! سُئِل أحد الصالحين عن المسلم يبدأ في قراءة القرآن بعد طول غياب فيثقل عليه ذلك حتى لا يكاد يتم آيات معدودات منه، فردَّ عليه بأن يقاوم هذا الشعور، ويستمر في القراءة، فذهب ثم عاد فقال: العجيب أنني بعد قراءة حوالي رُبعَيْن من القرآن استمرت بي الرغبة في القراءة فلم يعاودني ذلك الشعور، فقال الرجل الصالح: وهذا حال القرآن مع الغافلين، فالقرآن في حد ذاته شفاء لما في الصدور، وكثرة البعد عنه ترسب على القلب الصدأ والران، فتقوم الآيات الأولى بجلاء القلب، وهذا الأمر فيه مشقة وجهد تأباه النفس، فإذا قاومنا رفض النفس يقوم القرآن بمهمته حتى ينجلي القلب ويصبح محلاً لتلقي نور القرآن، ويصبح المؤمن كما قال الله تعالى: (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ). الأنفال2.
• فقراءة القرآن في شعبان تزيل صدأ الشهور الماضية، حتى يستنير القلب، ويصبح محلاً طيبًا لتأثير القرآن بالهدى والتقى والنور في رمضان.
3- الاستعداد بالدعاء: وهو من الاستعداد النفسي والقلبي، فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل رجب يدعو قائلاً: (اللهُمَّ بَارِكْ لنَا في رَجَبٍ وَشَعْبَانَ، وَبَارِكْ لنَا في رَمَضَانَ). مسند أحمد.
داوم من الآن على الأذكار الشرعية، والآداب المرعية، صباحاً ومساءً.
4- الاستعداد بتذكر فضائل رمضان: من الاستعداد المعنوي لشهر رمضان أن يكثر المرء من الحديث عن هذا الشهر الكريم وذكرياته معه، وكذلك الإكثار من ذكر فضائله ومدارستها.
• ومن أشكال تذكُّر رمضان وفضائله الجلوس مع الزوج والأولاد ــ ولو مرة أسبوعيًّا ــ خلال شهر شعبان لقراءة كتيِّب صغير حول رمضان، فضلاً وفقهًا وسلوكًا. فذكر هذه الفضائل واستشعارها يعطيك دافعاً نفسياً وعاطفة إيمانية مرتفعة للاستعداد له.
• قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى)، وكلما تعددت النيات التي ينويها المرء في عمل ما يبتغى به وجه الله عز وجل، كلما ازداد الأجر والثواب على هذا العمل، ففي صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه في الحديث القدسي (إذا تحدث عبدي بأن يعمل حسنة فأنا اكتبها له حسنة).
• فإذا استصحب (استحضر) نية كسب أكبر قدر ممكن من الحسنات في رمضان ونية، وعزم فوضع برنامج ملئ بالعبادة والطاعة والجدية بالالتزام به، فقد احسن الاستعداد.
5- المبادرة إلى الأعمال الصالحة: كالبر والإحسان وإعانة العاجز والفقير، والإقبال على أعمال الخير والبر منذ شهر شعبان كما كان يفعل الصحابة، حيث يخرجون الصدقات في شعبان ليتقوى الفقراء على صيام رمضان. قال أنس: كان المسلمون إذا دخل شعبان أكبوا على المصاحف فقرؤوها وأخرجوا زكاة أموالهم تقوية لضعيفهم على الصوم، وإبراء الذمة من حقوق الناس وتصفية النفوس من الأحقاد، حتى ينشغل القلب بالعبادة، والترفع عن السب والشتم والكلام البذيء الذي يفسد العمل.
• قال أبو بكر البلخي: شهر رجب شهر الزرع، وشهر شعبان شهر سقي الزرع، وشهر رمضان شهر حصاد الزرع، وقال أيضا: مثل شهر رجب كالريح، ومثل شعبان مثل الغيم، ومثل رمضان مثل المطر، ومن لم يزرع ويغرس في رجب، ولم يسق في شعبان فكيف يريد أن يحصد في رمضان.
• قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، فأقِل يا عبد الله حتى تُقال.
• هي فرصة تاريخية لكل مخطئ ومقصر في حق الله ودينه ودعوته وجماعته، وهي فرصة لمحو الأحقاد من القلوب تجاه إخواننا، فلا مكان هنا لمشاحن وحاقد وحسود، وليكن شعارنا جميعا قوله تعالى (ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين ءامنوا ربنا إنك رؤوف رحيم) قال بعض السلف: أفضل الأعمال سلامة الصدور وسخاوة النفوس والنصيحة للأمة وبهذه الخصال بلغ من بلغ، وسيد القوم من يصفح ويعفو، وهي فرصة لكل من وقع في معصية أو ذنب مهما كان حجمه، هي فرصة لكل من سولت له نفسه التجرؤ على الله بارتكاب معاصيه.
6- وضع برنامج تأهيلي تربوي: يقوم به المسلم في شهر شعبان استعدادًا لشهر رمضان المبارك، يشمل التهيئة الإيمانية التعبدية، والتهيئة العلمية، والتهيئة الدعوية، والتهيئة الأسرية، والتهيئة الجهادية مجاهدة النفس واللسان والشيطان، والعدو. وحمل النفس على أن تعيش حياة المجاهدين، وتدريبها على قوة التحمُّل والصبر على المشاقِّ، من خلال التربية الجهادية المعهودة.
• ولما كان شعبان المقدّمة لرمضان فإنه يكون فيه شيء مما يكون في رمضان من الصيام وقراءة القرآن والصدقة، فهو ميدان للمسابقة في الخيرات والمبادرة للطاعات قبل مجيئ شهر الفرقان ، فأروا الله فيه من أنفسكم خيراً.
• أخي الغالي.. شهر شعبان – لو تأمّلتَ - هو التوطئة الحقيقية لشهر رمضان، والتمهيد المباشر لاستقباله، حيث يمثل دورة تدريبية للفرد، وفترة تأهيلية للأسرة، قبل قدوم شهر الصيام والقيام، بحيث تتطلع فيه النفوس للُقيا شهر الصبر، وتتهيأ فيه القلوب للتوبة والإنابة، وتتوقد فيه الهمم للاجتهاد والعبادة؛ وتُشحذ فيه العزائم للذكر والتلاوة.
• هذه هي وظيفة شهر شعبان: التهيئة والتوطئة لاستقبال رمضان، ليؤخذ بحقه، ويُستقبل الاستقبال الذي يليق به، لا كما يحدث دائماً: بينما مُعظم الناس في معمعة الحياة، إذْ فاجأهم حلول الشهر، وهجمت عليهم أول ساعاته، فلا يُفيق أحدهم إلا وهو يسمع: غداً رمضان! حقاً! غداً رمضان؟! لم نستعد له بعد! كنا نظنه بعد يوم أو يومين!
• إن هذا وإن شقَّ عليك في البداية، لكن ثوابه مضاعف بفضل الله تعالى، فإن العمل الصالح أفضل ما يكون عند غفلة الناس وهذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: (إنكم تجدون على الخير أعوانا وهم لا يجدون)، وذلك لما أخبرَ الصحابةَ أن الواحد ممن بعدهم بأجر خمسين منهم.
• شهر شعبان هو شهر التدريب والتأهيل التربوي والرباني؛ يقبل عليه المسلم ليكون مؤهلاً للطاعة في رمضان، فيقرأ في شهر شعبان كل ما يخص شهر رمضان ووسائل اغتنامه، ويجهِّز برنامجه في رمضان ويجدول مهامه الخيرية، فيجعل من شهر شعبان دورة تأهيلية لصيام رمضان ولمزيد من الطاعة والخير في رمضان؛ فلا يدخل في صوم رمضان على مشقة وكلفة، بل يكون قد تمرن على الصيام واعتاده، ووجد في صيام شعبان قبله حلاوة الصيام ولذَّته، فيدخل في صيام رمضان بقوة ونشاط.
• جعلني الله وإياك ممن يوفقون لفعل الخيرات وترك المنكرات.. كما أسأله أن يوفقنا للاستكثار من الباقيات الصالحات.. وسلامٌ على المرسلين ، والحمد لله رب العالمين..

السبت، 10 فبراير 2018

04-تيسير القواعد الفقهية




المجلس  الرابع
دورة تيسير القواعد الفقهية

3 ـ ثُمَّ الصلاةُ مَعْ سلامٍ دائمِ* على الرسولِ القُرَشِىِّ الخَاتِمِ

4 ـ وآلهِ وصحبهِ الأبرارِ * الحَائِزِي مراتبَ الفَخارِ


المراد بالصلاة : الثناء والذكر الجميل ، وأنه لا يُراد بلفظ الصلاة في جميع المواطن الدعاء . يدل على هذا أن بعض النصوص الواردة في الصلاة لا يمكن أن تُفسر بالدعاء ، مثل : نسبة الصلاة لله ـ عز وجل ـ " هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ " سورة الأحزاب / آية : 43 ، لا يمكن أن يُقال هو الذي يدعو
من معاني الصلاة :
الصلاة المفروضة ،لقوله تعالى " وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ" البقرة 43.
الصلاة بمعنى :الثناء على العبد ،لقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلَائِكَتُهُ لِيُخْرِجَكُم مِّنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ " الأحزاب 43 .

فالصلاة من الله ثناؤه على العبد عند الملائكة، حكاه البخاري عن أبي العالية. وتفسير الآية بحسب هذا المعنى هو ما ذهب إليه ابن كثير.

الصلاة بمعنى:الدعاء والاستغفار ،لقوله تعالى "وَصَلِّ عَلَيْهِمْ إِنَّ صَلاتَكَ سَكَنٌ لَهُمْ " التوبة 103 . الآية . أي: ادع لهم واستغفر لهم.
"سمِعْتُ عبدَ اللهِ بنَ أبي أَوْفَى ، وكان مِن أصحابِ الشجرةِ ، قال : كان النبيُّ صلى الله عليه وسلم إذا أتاه قومٌ بصدقةٍ قال : اللهم صلِّ عليهم . فأتاه أبي بصدقتِه، فقال : اللهم صلِّ على آلِ أبي أّوْفَى" .الراوي : عمرو بن مرة الجهني - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 4166 : خلاصة حكم المحدث : صحيح .الدرر -

يَحكي عبدُ اللهِ بنُ أبي أَوْفَى رضي الله عنهما أنَّ النَّبيَّ صلَّى الله علَيه وسلَّم كانَ إذا أتاه قَومٌ بِصَدقتِهم، أي: بزِكاةِ أموالِهم قالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على آلِ فُلان، أي: اغفِر لهُم وارْحَمهم. فأتاه أبو أَوْفَى بِصَدقتِه فقالَ: اللَّهُمَّ صَلِّ على آل أبي أَوْفى امتثالًا لِقولِه تعالى"وَصَلِّ عَلَيْهِمْ" وهذا مِن خصائِصِه صلَّى الله علَيه وسلَّم.
في الحديثِ: الصَّلاةُ على غَيرِ الأنْبياءِ.
وفيه: الدُّعاءُ لِلمُتَصَدِّقِ.
وفيه: الأمرُ بالدُّعاءِ لِصاحِبِها .الدرر -



ولقوله تعالى "هُوَ الَّذِي يُصَلِّي عَلَيْكُمْ وَمَلاَئِكَتُهُ " سورة الأحزاب / آية : 43. قال القرطبي "وصلاة الملائكة: دعاؤهم للمؤمنين، واستغفارهم لهم".

الصلاة بمعنى :قراءة القرآن، ومنه قوله تعالى" وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ "الإسراء:110، أي: بقراءتك

في قولِه تعالى : ولا تجهرْ بصلاتِك ولا تخافتْ بها قال: نزلتْ ورسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم مُخْتَفٍ بمكةَ كان إذا صلَّى بأصحابِه رفعَ صوتَه بالقرآنِ ، فإذا سمعَه المشركون سبُّوا القرآنَ ومن أنزلَه ومن جاءَ به ، فقال اللهُ تعالى لنبيِّه صلى الله عليه وسلم : ولا تجهرْ بصلاتِك أي بقراءتِك ، فيسمعُ المشركون فيسبُّوا القرآنَ ولا تخافتْ بها عن أصحابِك فلا تُسْمِعُهم وابتغِ بين ذلك سبيلاً ."الراوي : عبدالله بن عباس - المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم 4722 - خلاصة حكم المحدث :صحيح- الدرر السنية -

الشرح
يَحكي ابنُ عبَّاسٍ رضِي اللهُ عنهما في سَببِ نُزول آيةِ"وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَ وَلَا تُخَافِتْ بِهَا"الإسراء: 110؛ أنَّها نزلَت ورسولُ اللهِ صلَّى الله عليه وسلَّم مُخْتَفٍ بمكَّة؛ يعني: في أوَّلِ الإسلام، وكان إذا صلَّى بأصحابِه رفَعَ صوتَه بالقرآن، فإذا سَمِع المشركون سبُّوا القرآنَ ومَن أَنزلَه ومَن جاء به، فقال اللهُ تعالى لنبيِّه صلَّى الله عليه وسلَّم"وَلَا تَجْهَرْ بِصَلَاتِكَأي: بقِراءَةِ صلاتِك؛ فيَسْمَعَ المشركون فيَسُبُّوا القرآن، "وَلَا تُخَافِتْ"، أيْ: لا تَخْفِض صوتَك بها عن أصحابِك؛ فلا تُسمِعَهم، "وَابْتَغِ بَيْنَ ذَلِكَ" الجهر والمخَافتَة "سَبِيلًا" وسَطًا.
وفي الحديثِ: فضلُ ابنِ عبَّاسٍ رضي الله عنهما وعِلمُه بتفسيرِ القرآنِ وأسبابِ نُزولِه.
وفيه: أنَّ هذِه المِلَّةَ الإسلاميَّةَ الحنيفيَّةَ البَيضاءَ؛ أُصولَها وفُروعَها، كلُّها وسطٌ لا إفراطَ ولا تفريطَ؛ وتُحصِّل جميعَ المصالحِ وتَدرأُ جميعَ المفاسِد؛ فقدْ أمَر اللهُ تعالى بما يَحصُل به الأمرانِ جميعًا؛ عدمُ الإخلالِ بسَماعِ الحاضِرين، والاحترازُ عن سَبِّ أعداءِ الدِّين. . الدرر السنية - هنا-



مَعْ سلامٍ دائمِ :بمعنى التحية ، كما يأتي أيضًا بمعنى الدعاء بالسَّلامة مِن كُلِّ آفة ومن كل سوء دومًا في الدنيا والآخرة  .
ليس الدُّعاءُ بالسَّلامة مقصورًا في حال الحياة ، فهناك أهوال يوم القيامة ، ولهذا كان دعاء الرُّسل إذا عَبَرَ النَّاسُ على الصِّراط : " اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ " ، فلا ينتهي المرءُ مِن المخاوف والآفات بمجرد موتهالإسلام سؤال وجواب* .
فالصلاة من الله : هي ثناؤه على عبده في الملأ الأعلى ففيها حصول الخير ، وصلاتنا وسلامنا على الرسول : فهي دعاء الله بأن يذكر رسولنا بالثناء الجميل والمحامد في الملأ الأعلى وأن يسلمه ويدفع عنه الشر والآفات والنقائص .
*فثناء الله على عبده عند الملائكة هو ذكر أوصافه الجميلة العظيمة، هذه صلاة الله على عبده، ويدخل فيها أيضًا رحمته لعباده وإحسانه إليهم سبحانه وتعالى، والملائكة صلاتهم الدعاء، دعاؤهم للمصلَى عليه وترحمهم عليه وثناؤهم عليه هذا يقال له صلاة، كما في الحديث" الملائكةُ تصلي على أحدِكم ما دام في مُصلاه، ما لم يحدثْ : اللهمَّ اغفرْ له، اللهم ارحمْه، لا يزال أحدُكم في صلاةٍ ما دامتِ الصلاةُ تحبسُه، لا يمنعه أن ينقلبَ إلى أهلِه إلا الصلاةُ ".الراوي : أبو هريرة -المحدث : البخاري - المصدر : صحيح البخاري -الصفحة أو الرقم- 659  خلاصة حكم المحدث : صحيح-الدرر -

 فصلاتهم على الرسول -صلى الله عليه وسلم- دعاؤهم له عليه الصلاة والسلام. الشيخ ابن باز رحمه الله .


في الحديث:

لا يمنعُه الانقلابُ، وهو الرَّواحُ إلى أهلِه إلَّا الصَّلاةُ أي: لا غيرُها، ومُقْتضاه أنَّه إذا صَرفَ نيتَّه عَن ذلك صارفٌ آخرُ انقطعَ عَنْه الثَّوابُ المذكورُ، وكذا إذا شارَكَ نيَّةَ الانتظارِ أمْرٌ آخرُ.
والفرْقُ بَيْنَ المغفرةِ والرَّحمةِ أنَّ المغفرةَ سِترُ الذُّنوبِ، والرَّحمةَ إفاضةُ الإحسانِ إليه.
وفي الحديثِ: بيانُ فَضلِ الجلوسِ في الْمُصلَّى على طهارةٍ.
وفيه: أنَّ الحَدَثَ في المسجدِ يُبطِلُ ذلك، ولو استمرَّ جالسًا.-الدرر


على الرسولِ : الرسول هو من أُوحِيَ إليه بشرع وأُمر بتبليغه .
أما النبي : من بُعِثَ لتقرير شرع مَنْ قَبْله ، وهو بالطبع مأمور بتبليغه ، إذ من المعلوم أن العلماء مأمورون بذلك والأنبياء بذلك أولى كما لا يخفى .
شرح العقيدة الطحاوية ـ تحقيق الألباني / ص : 38 / بتصرف .
القُرَشِىِّ : أي المنسوب إلى قريش ، وهم بنو النضر بن كنانة ، فكل من كان من ولده فهو قرشي ، وهذا هو الراجح من أقوال أهل النسب لقوله صلى الله عليه وسلم " نحن بنو النضر بن كنانة ، لا نَقْفوا أُمَّنَا (1) ، ولا ننتفي مِن أبينا "
سنن ابن ماجه  / تحقيق الشيخ الألباني / ( 20 ) ـ كتاب : الحدود / ( 37 ) ـ باب :من نفى رجلاً من قبيلته / حديث رقم : 2612 / ص : 444 / حديث حسن .
( 1 ) لا نَقْفوا أُمَّنَا : أي لا نتبع أُمَّنا في النسب ، لأن الولد ينسب لأبيه دون أمه .
القواعد الفقهية ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم   .

قال ابن ماجه في سننه:
حَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ،قال:حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ هَارُونَ،قال: حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ح وَحَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى،قال: حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ح وَحَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ حَيَّانَ،قال: أَنْبَأَنَا عَبْدُ الْعَزِيزِ بْنُ الْمُغِيرَةِ ،قَالَا :حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ عَنْ عَقِيلِ بْنِ طَلْحَةَ السُّلَمِيِّ عَنْ مُسْلِمِ بْنِ هَيْضَمٍ عَنْ الْأَشْعَثِ بْنِ قَيْسٍ قَالَ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي وَفْدِ كِنْدَةَ وَلَا يَرَوْنِي إِلَّا أَفْضَلَهُمْ فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ أَلَسْتُمْ مِنَّا فَقَالَ نَحْنُ بَنُو النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ لَا نَقْفُو أُمَّنَا وَلَا نَنْتَفِي مِنْ أَبِينَا قَالَ فَكَانَ الْأَشْعَثُ بْنُ قَيْسٍ يَقُولُ لَا أُوتِي بِرَجُلٍ نَفَى رَجُلًا مِنْ قُرَيْشٍ مِنْ النَّضْرِ بْنِ كِنَانَةَ إِلَّا جَلَدْتُهُ الْحَدَّ"
سنن ابن ماجه » كتاب الحدود » باب من نفى رجلا من قبيلته -الدرر-

شرح الحديث : حذَّر الشَّرعُ الحَكيمُ مِن الانْتِفاءِ مِن الأنسابِ الصَّحيحةِ، للدُّخولِ في أنسابٍ أُخرى؛ لِمَا في ذلك مِن الخداعِ والتَّلاعُبِ بالأنسابِ.
وفي هذا الحَديثِ يُصوِّبُ النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم خطَأً كان شائِعًا في نسَبِ قُريشٍ، حيث يقولُ الأشعَثُ بنُ قيسٍ رَضِي اللهُ عنه "أتيتُ رسولَ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم في وفْدِ كِنْدةَأي: في جَمَاعتِهم، وكِنْدةُ اسمٌ لأبي قبيلةٍ مِن اليمَنِ، "ولا يَرَوْني إلَّا أفضَلَهمأي: يُقدِّمُ الوفْدُ الأشعَثَ على أنفُسِهم؛ لِما يرَونَه فيه مِن أفضَليَّةٍ، وهذا إشارةٌ إلى سبَبِ تَقْديمِه في الكلامِ مع رسولِ اللهِ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم، "فقلتُ: يا رسولَ اللهِ، ألَسْتُم مِنَّا؟"، أي: أليسَتْ قُريشٌ وبَنُو هاشِمٍ مِن كِنْدةَ؟ فقال النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم: "نَحن بَنو النَّضرِ بنِ كِنانةَ؛ لا نَقْفو أُمَّناأي: لا نَعِيبُ أُمَّنا ولا نَرْميها بالزِّنا، وقيل: مَعْناه لا نَترُكُ النَّسَبَ إلى الآباءِ، ونَنتَسِبُ إلى الأمَّهاتِ ونَتْبَعُهنَّ، "ولا نَنتَفِي مِن أبيناأي: ولا نَنْفي نسَبَنا مِن أَبينا الأكبَرِ النَّضْرِ بنِ كِنانةَ. قال الرَّاوي: "فكان الأشعَثُ بنُ قيسٍ يَقولُ: لا أُوتَى برَجُلٍ نَفى رجُلًا مِن قُريشٍ مِن النَّضرِ بنِ كِنانَةِ إلَّا جلَدْتُه الحَدَّ"، أي: جلَدَه حدَّ القَذْفِ والفِرْيةِ؛ لأنَّه يَنْفي رجُلًا مِن نسَبِه لأبيه الَّذي شَهِد به النَّبيُّ صلَّى اللهُ علَيه وسلَّم. الدرر


الخَاتِمِ: الذي ختم الله به أنبياءَه ورسله ، فلا نبي بعده .
قال تعالى" مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللهِ وَخَاتَمَ النَّبيِينَ " . سورة الأحزاب / آية : 40 .
* عن عائشة ـ رضي الله عنها ـ قالت : قال رسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ " أنا خاتم الأنبياء  "
رواه البزار ، وقال الشيخ الألباني : صحيح لغيره في : صحيح الترغيب والترهيب / ج : 2 / ( 11 ) ـ كتاب : الحج /( 14 ) ـ باب : التغيب في الصلاة في المسجد الحرام / حديث رقم : 1175 / ص : 45 .
الخاتم ، هذا وصف للنبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ ، والخاتِم بكسر التاء اسم فاعل ، فكأنه قد جاء آخر الرسل ، والخاتَم بفتح التاء اسم آله ، كأنه قد خُتمت به الرسالة .


ويقول ابن الجوزي "ومن قرأ "خاتَِم" بكسر التاء فمعناه وختم النبيين، ومن فتحها فالمعنى آخر النبيين . زاد المسير:93/6.هنا-

فإن قال قائل : إن عيسى ـ عليه السلام ـ سيأتي في آخر الزمان ، فكيف يوصف محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ بأنه خاتم الرسل ؟! والجواب على ذلك : أن عيسى ـ عليه السلام ـ قد تقدم زمانه ، ثم إن عيسى ـ عليه السلام ـ لا يأتي بصفة كونه نبيًّا ، وإنما يأتي بصفة كونه عبدًا متبِعًا لرسول الله ـ صلى الله عليه وسلم ـ فلا يأتي بشرع جديد ، وإنما يكون متبِعًا لهدي النبي  صلى الله عليه وسلم .القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
وآلهِ : صلى المؤلف أيضًا على آل النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ ويكون بذلك متبِعًا لهدي النبي  صلى الله عليه  وسلم  ؛ فإن النبي صلى الله عليه  وسلم ـ كان قد أمر أصحابه في التشهد بالصلاة عليه وعلى آله ، ولذلك نقول : اللهم صل على محمد ، وعلى آل محمد .
و " الآل " في لغة العرب يراد بها عدد من المعاني ، منها القرابة . فآل فلان قرابته ، ويراد به الأتباع ، فيُقال آل فلان بمعنى أتباعه ، ولذلك فُسر قوله  عز وجل  "أَدْخِلُوا آلَ فِرْعَوْنَ أَشَدَّ الْعَذَابِ "سورة غافر / آية : 46 ، فإن المراد بآل فرعون هنا أتباعه لأن مِنْ قرابة فرعون من هداه الله عز وجل ودخل في دين الإسلام .القواعد الفقهية ... / شرح : سعد بن ناصر الشثري .
آله : وآل النبيّ على الراجح هم : أتباعه على دينه إلى يوم القيامة ، فيدخل فيهم الصحابة ، فيكون عطفهم عليهم من باب عطف الخاص على العام ، لمزيتهم وشرفهم بالعلم النافع والعمل الصالح والتقَى الذي أوجب لهم مفاخر الدنيا والآخرة رضي الله عنهم .رسالة القواعد الفقهية / السعدي / ص : 7 / بتصرف .
والغالب في: الآل : أنه لا يضاف إلا إلى ما فيه شرفٌ ، فلا يُقال : آل الزَّبال ، ... .منظومة القواعد ... / شرح : د . مصطفى كرامة مخدوم .
وصحبهِ : الصحب اسم جمع لصاحب . كركب جمع راكب ، وهو في اللغة المُعَاشِر الملازِم .
والمراد : الصحابي ، والصحابي هو من لقي النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ مؤمنًا به ولو لم تطل صحبته ، ومات على ذلك ، ولو تخللت ذلك رِدة بعدها إسلام ، وهذا من خصائصه صلى الله عليه  وسلم ، ـ أما غيره من الناس فإنه لا يكون صاحبًا إلا من لازمه مدة يستحق بها أن يقال صاحب ـ ، أما لو مات على ردته فهو كافر ولا يسمى صحابيًّا ، فمن مات على الكفر فهو صاحب إبليس وليس صاحب محمد  صلى الله عليه وسلم .
وهنا على القول بأن آل النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أتباعه عى دينه ، فعطف الصحابة من عطف الخاص على العام ، وفي الجمع بين الصحب والآل مخالفة للمبتدعة لأنهم يوالون الآل دون الصحب وقد جاءت النصوص في فضل الصحابة ـ رضوان الله عليهم ـ وبيان مكانتهم ، ومنزلتهم .
قال تعالى " وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنصارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعوهُم بِإِحْسانٍ رَّضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنهُ .". سورة التوبة / آية : 100 .
وقال تعالى" مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا " . سورة الفتح / آية : 29 . إلى غير ذلك من النصوص .
الأبرارِ : الأبرار جمع " بارّ " وهو كل مؤمن جَمع بين الإخلاص والصدق في الأقوال والأعمال ، فهم اتصفوا بذلك ، إيمان مع صدق وإخلاص  رضوان الله عليهم .منظومة ... / شرح : عبيد الجابري .
الحَائِزِي مراتبَ الفَخارِ : الحَائِزِي : حاز الشيء جمعه . مراتبَ : جمع مرتبة وهي المنزِلة . الفَخارِ : جمع مَفْخَرَة وهي المأثرة والمنقبة وقيل الشرف .
وشرف الصحبة لا يعدلُه شرف ، فأصحاب محمد  صلى الله عليه  وسلم  اجتمع لهم من الشرف والمآثر والمناقب ما لا يجتمع لغيرهم ألْبتة . ومن تلكم المناقب :
1ـ السبق بالإسلام  2   ـ تمام الاتباع .
3 ـ أنهم هم صفوة الأمة .
4ـ العدالة ، فالصحابة كلهم عدول ، ولهذا نص علماء المصطلح على أن جهالة الصحابي لا تضر ، فإذا قال الثقة : حدثني من صحب النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ أو رجل من صحب النبي ـ صلى الله عليه وعلى آله وسلم ـ فلا نبحث . أما مَنْ دون الصحابة من الناس يبحث في حاله من حيث الثقة والضعف والكذب . وأما الصحابة فلا يُبحث عن أحوالهم ، فهم عدول ، ورضي الله عنهم ليوم القيامة ويُقال في من دون الصحابة من الأسانيد : هذا على شرط الشيخين أو على شرط ...
منظومة القواعد ... / شرح : عبيد الجابري / بتصرف .